[معرفة أسباب النزول]
إن معرفة أسباب النزول مما يساعد على فهم القرآن الكريم:
١ - مثال ذلك قول الله تعالى:
{قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا (٥٦) أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا}. [الإسراء: ٥٦، ٥٧]
عن ابن مسعود قال: "كان نفرٌ من الِإنس يعبدون نفرًا من الجن فأسلم النفر من الجن فاستمسك الآخرون بعبادتهم فنزلت:
{أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ} [متفق عليه]
قال الحافظ: استمر الِإنس الذين كانوا يعبدون الجن على عبادة الجن، والجن لا يرضون بذلك لكونهم أسلموا، وهم الذين صاروا يبتغون إلى ربهم الوسيلة.
وروى الطبري من وجه آخر عن ابن مسعود فزاد فيه (والِإنس الذين كانوا يعبدونهم لا يشعرون بإسلامهم) وهذا هو المعتمد في تفسير الآية. [فتح الباري ج ٨/ ٣٩٧]
{يَدْعُونَ} يتضرعون إلى الله في طلب ما يقربهم إلى ربهم.
{يَبْتَغُونَ إِلى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ} يتقربون إليه بطاعته والعمل بما يرضيه.
{أَيُّهُمْ أَقْرَبُ} أيهم أقرب إلى الله بالأعمال الصالحة.
{وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ} لا تتم العبادة إلا بالخوف والرجاء.
{إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا} ينبغي أن يحذره العباد ويخافوه.
أقول: في هذه الآية ردٌّ على الذين يدعون غير الله من الأنبياء والأولياء، ويتوسلون بذاتهم ولو توسلوا بإيمانهم بهم وحبهم لهم لجاز.
٢ - مثال آخر: عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: لما نزلت:
{الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ}. [الأنعام: ٨٢]