قال أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأينا لم يظلم؟ فنزلت:
{لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}. [لقمان: ١٣] [رواه البخاري]
قال الحافظ في الفتح: [لم يلبسوا: لم يخلطوا].
٣ - ومثال آخر: ما ذكره البخاري عن عروة قال:
خاصم الزبير رجلاً من الأنصار في شريج من الحرة فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "اسق يا زبير، ثم أرسل الماء إلى جارك، فقال الأنصاري: يا رسول الله أن كان ابن عمتك، فتلوّن وجهه ثم قال: اسق يا زبير، ثم احبس الماء حتى يرجع إلى الجَدر، ثم أرسل الماء إلى جارك" واستوعى النبي - صلى الله عليه وسلم - للزبير حقه في صريح الحكم حين أحفظه الأنصاري، وكان أشار عليهما بأمر لهما فيه سعة.
في شريج: مسيل الماء وينزل من الجبل إلى مكان اسمه (الحرة).
قال الزبير فما أحسب هذه الآيات إلا نزلت في ذلك:
{فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء: ٦٥]. [البخاري ج ٥/ ١٨٠]
٤ - ومثال آخر: عن حذيفة:
{وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلى التَّهْلُكَةِ}. [البقرة: ١٩٥]
قال: نزلت في النفقة "أي في تركها". [أخرجه البخاري]
وفي رواية أبي داود قال: غزونا من المدينة نريد القسطنطينية وعلى الجماعة
عبد الرحمن بن خالد بن الوليد، والروم ملصقوا ظهورهم بحائط المدينة فحمل
رجل على العدو، فقال الناس: مَه مَه.
لا إله إلا الله، يُلقى بيديه إلى التهلُكة!
فقال أبو أيوب الأنصاري: إنما أنزلت هذه الآية فينا معشر الأنصار لما نصر الله نبيه، وأظهر الِإسلام قلنا: هلُم نقيم في أموالنا ونصلحها، فأنزل الله -عَزَّ وَجَلَّ-:
{وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلى التَّهْلُكَةِ}.
فالإلقاء بالأيدي إلى التهلكة: أن نقيم في أموالنا ونصلحها وندع الجهاد.
قال أبو عمران: فلم يزل أبو أيوب يجاهد في سبيل الله حتى دفن بالقسطنطينية. [رواه أبو داود بسند صحيح] [انظر جامع الأصول ج ٢/ ٣٢]