فقد نقل البخاري عن ابن عباسبى قال: كان عمر يدخلني مع أشياخ بدر، فكأن بعضهم وجد في نفسه فقال: لِمَ تُدخل معنا هذا ولنا أبناء مثله؟ فقال عمر: إنه من حيث علمتم، فدعاه ذات يوم فأدخله معهم، فما رؤيتُ أنه دعاني إلا ليريهم. قال ما تقولون في قوله تعالى:{إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ}؟.
فقال بعضهم: أُمرنا أن نحمد الله ونستغفره إذا نصرنا وفتح علينا، وسكت بعضهم فلم يقل شيئًا، فقال لي: أكذاك تقول يا ابن عباس؟ فقلت: لا. قال: فما تقول؟ قلت: هو أجلُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعلمه له: قال: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ}، وذلك علامة أجلك.
أي كما لا يحمل عليه وزر غيره، كذلك لا يحصل له من الأجر إلا ما كسب هو لنفسه. ومن هذه الآية الكريمة استنبط الِإمام الشافعي رحمه الله تعالى أن القراءة لا يصل إهداء ثوابها إلى الموتى؛ لأنه ليس من عملهم ولا كسبهم، ولهذا لم يندب إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أُمته، ولا حثَّهم عليه، ولا أرشدهم إليه بنص ولا إيماء، ولم يُنقل ذلك عن أحد من الصحابة رضي الله عنهم، ولو كان خيرًا لسبقونا إليه، وباب القربات يقتصر فيه على النصوص، ولا يتصرف فيه بأنواع الأقيسة والآراء.