القسم الأول: أن يتوسل بالإِيمان به، واتباعه، وهذا جائز في حياته وبعد مماته.
القسم الثاني: أن يتوسل بدعائه، أي بأن يطلب من الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن يدعو له، فهذا جائز في حياته لا بعد مماته لأنه بعد مماته متعذر.
القسم الثالث: أن يتوسل بجاهه ومنزلته عند الله، فهذا لا يجوز في حياته ولا بعد مماته لأنه ليس وسيلة إذ أنه لا يوصل الإِنسان إلى مقصوده لأنه ليس من عمله.
فإذا قال قائل: جئت إلى الرسول- عليه الصلاة والسلام- عند قبره، وسألته أن يستغفر لي، أو أن يشفع لي عند الله فهل يجوز ذلك أم لا؟
قلنا لا يجوز، فإذا قال: أليس الله يقول: {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا}؟. "سورة النساء الآية ٦٤"
قلنا له: بلى، إن الله يقول ذلك، ولكن يقول:{وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا}. وإذ هذه
ظرف لما مضى وليست ظرفًا للمستقبل لم يقل الله {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا}. بل قال:{إِذْ ظَلَمُوا} فالآية تتحدث عن أمر وقع في حياة الرسول - صلى الله عليه وسلم - واستغفار الرسول- صلى الله عليه وسلم -. بعد مماته أمر متعذر لأنه إذا مات الإِنسان انقطع عمله إلا من ثلاث كما قال الرسول- صلى الله عليه وسلم - "صدقة جارية، أو عَلم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له". "رواه مسلم"
فلا يمكن لإِنسان بعد موته أن يستغفر لأحد، بل ولا يستغفر لنفسه أيضًا لأن العمل قد انقطع. فتاوى الشيخ ابن عثيمين ١/ ٨٩