للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ما معنى وهابي؟]

اعتاد الناس أن يُطلقوا كلمة وهابي على كل من يخالف عاداتهم ومعتقداتهم وبدعهم، ولو كانت هذه المعتقدات فاسدة، تخالف القرآن الكريم، والأحاديث الصحيحة، ولا سيما الدعوة إلى التوحيد ودعاء الله وحده دون سواه.

كنت أقرأ على شيخٍ حديث ابن عباس في الأربعين النووية، وهو قوله - صلى الله عليه وسلم -:

"إذا سألتَ فاسألِ الله، وإذا استعنتَ فاستعِنْ بالله". "رواه الترمذي وقال حسن صحيح"

فأعجبني شرح النووي حين قال:

"ثم إن كانت الحاجة التي يسألها، لم تجر العادة (١) بجريانها على أيدي خلقه، كطلب الهداية والعلم. . وشفاء المرض وحصول العافية سأل ربه ذلك، وأما سؤال الخلق والإعتماد عليهم فمذموم".

فقلت للشيخ هذا الحديث وشرحه يفيدان عدم جواز الإستعانة بغير الله، فقال لي: بل تجوز!! قلت وما دليلك؟ فغضب الشيخ وصاح قائلًا: إن عَمتي تقول يا شيخ سعد (وهو مدفون في مسجده تستعين به)، فأقول لها يا عمتي وهل ينفعك الشيخ سعد؟ فتقول: أدعوه فيتدخل على الله فيشفيني!!

قلت له: إنك رجل عالم قضيت عمرك في قراءة الكتب، ثُم تأخذ عقيدتك من عمتك الجاهلة! فقال لي عندك أفكار وهابية أنت تذهب للعمرة وتأتي بكتب وهابية!!!

وكنت لا أعرف شيئًا عن الوهابية إلا ما أسمعه من المشايخ: فيقولون عنهم:

الوهابيون مخالفون للناس لا يؤمنون بالأولياء وكراماتهم، ولا يحبون الرسول، وغيرها من الإتهامات الكاذبة! فقلت في نفسي إذا كانت الوهابية تؤمن بالإستعانة بالله وحده، وأن الشافي هو الله وحده، فيجب أن أتعرف عليها.

سألت عن جماعتها فقالوا لهم مكان يجتمعون فيه مساء الخميس، لِإلقاء دروس في التفسير والحديث والفقه، فذهبت إليهم مع أولادي وبعض الشباب المثقف، فدخلنا غرفة كبيرة، وجلسنا ننتظر الدرس، وبعد فترة دخل علينا شيخ كبير السن، فسلَّم علينا وصافحنا جميعًا مبتدئًا بيمينه، ثم جلس على مقعد، ولم يقم له أحد، فقلت في نفسي: هذا شيخ متواضع لا يحب القيام.


(١) لو قال النووي -رحمه الله-: لم تجر (سنة الله) بدل العادة لكان صوابًا لقوله تعالى: {سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ}. [الأحزاب: ٦٢]

<<  <  ج: ص:  >  >>