الملاحظة الثانية: أنه فسَّر التوحيد بأنه الإقرار بأن الله هو مدبِّر الوجود وموجده، فإن أراد أن هذا هو توحيد الرُّبوبية، فهذا صحيح، لكن هذا التوحيد لا يكفي ولا ينجي من عذاب الله، ولا يدخل صاحبه في الإِسلام، ولا يعصم دمه وماله؛ لأن الكفار يقرُّون بهذا وهم الكفار.
قال تعالى:{وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ}. [الزخرف: ٨٧]
وإن أراد أن هذا هو التوحيد المطلق المطلوب من الخلق، فهذا خطأ واضح، لما ذكرنا من أن الكفار أقرُّوا به ولم ينفعهم في الدنيا، ولا ينفعهم في الآخرة، وسمَّاهم الله كفارًا لمَّا لم يُقِرُّوا بتوحيد الإِلهيِّة الذي هو عبادته وحده لا شريك له.
قال شيخ الإِسلام ابن تيمية:"فإقرار المرء بأن الله رب كل شيء ومليكه وخالقه لا ينجيه من عذاب الله إن لم يقَترِنْ به إقرارً بأنه لا إله إلا الله، فلا يستحق العبادة أحدٌ إلا هو، وأن محمدًا رسول الله، فيجب تصديقه فيما أخبر به وطاعته فيما أمر".
وقال أيضًا: "وقد أخبر الله سبحانه عن المشركين من إقرارهم بأن الله خالق المخلوقات ما بيَّنَه في كتابه فقال:
وبهذا وغيره يُعْرَف ما وقع من الغلط في مسمَّى التوحيد، فإن عامة المتكلِّمين الذين يُقَرِّرُون التوحيد في كتب الكلام والنظر غايتهم أن يجعلوا التوحيد ثلاثة أنواع، فيقولون: هو واحد في ذاته لا قسيم له، وواحد في صفاته لا شبيه له، وواحد في أفعاله لا شريك له، وأشهر الأنواع الثلاثة عندهم هو الثالث، وهو توحيد الأفعال، وهو أن خالق العالم واحد. . . ويظنُّون أن هذا هو التوحيد المطلوب، وأن هذا هو