وحينما نرى الشافعي يرى نقض الوضوء بلمس المرأة، فإِن أبا حنيفة لا يرى نقضه، عندئذ وجب الرجوع إِلى الكتاب والسنة الصحيحة لقوله - تعالى:{فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا}. [النساء: ٥٩]
لأن الحق لا يمكن أن يتعدد، فيكون اللمس ناقضاً وغير ناقض.
ونحن لم نؤمر إِلا باتباع القرآن المنزل من عند الله، وقد شرحه لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأحاديثه الصحيحة لقوله - تعالى:{اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ}. [الأعراف: ٣]
فلا يجوز لمسلم سمع حديثاً صحيحًا أن يرده لأنه مخالف لمذهبه، فقد أجمع الأئمة على الأخذ بالحديث الصحيح، وترك كل قول يخالفه.
[أقوال الأئمة في الحديث]
هذه بعض أقوال الأئمة -رحمهم الله- ترفع الملام عنهم وتُبين الحق لأتباعهم. الإِمام أبو حنيفة -رحمه الله- وكلُّ الناس عِيال على فقهه يقول:
١ - لا يحل لأحد أن يأخذ بقولنا ما لم يعلم من أين أخذناه.
٢ - حرام على من لم يعرف دليلي أن يُفتي بكلامي، فإِننا بشر نقول القول اليوم، ونرجع عنه غدًا.
٣ - إِذا قلتُ قولًا يخالف كتاب الله، وخبر الرسول - صلى الله عليه وسلم - فاتركوا قولي.
٤ - يقول ابن عابدين في كتابه: إِذا صح الحديث وكان على خلاف المذهب، عمل بالحديث، ويكون ذلك مذهبه، ولا يخرج مُقلده عن كونه حنفياً بالعمل به، فقد صح عن أبي حنيفة أنه قال:"إِذا صح الحديث فهو مذهبي".
الإِمام مالك -رحمه الله- إِمام المدينة المنورة يقول: