قال الحافظ ابن رجب في رسالته (كلمة الإِخلاص) على قوله - صلى الله عليه وسلم -: (أمِرت أن أقاتلَ الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله). "رواه مسلم" قال: فهِمَ عمر وجماعة مِن الصحابة: أن مَن أتى بالشهادتين امتنع مِن عقوبة الدنيا بمجرد ذلك، فتوقفوا في قتال مانعي الزكاة، وفهم الصديق أنه لا يمتنع قتاله إلا بأداء حقوقها لقوله - صلى الله عليه وسلم -:
(فإذا فعلوا ذلك منعوا مني دماءهم وأموالهم إلا بحَقها وحسابهم على الله)"رواه مسلم" وقال: (والزكاة حق المال) وهذا الذي فهمه الصديق قد رواه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - صريحًا غير واحد من الصحابة منهم ابن عمر وأنس وغيرهما وأنه قال:
(أُمِرت أن أقاتل الناسَ حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله ويُقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة)"رواه مسلم"
على أن الأُخوة في الدين لا تثبت إلا بأداء الفرائض مع التوحيد فإن التوبة مِن الشرك لا تحصل إلا بالتوحيد، فلما قرر أبو بكر هذا للصحابة رجعوا إلى قوله ورأوه صوابًا فإذا عُلِم أن عقوبة الدنيا لا ترتفع عمن أدى الشهادتين مطلقًا، بل ويعاقب بإخلاله بحق من حقوق الإِسلام فكذلك عقوبة الآخرة، وقال أيضًا: وقالت طائفة من العلماء:
المراد من هذه الأحاديث أن التلفظ بلا إله إلا الله سبب لدخول الجنة والنجاة مِن النار، ومقتضى لذلك.
ولكن المقتضى لا يعمل عمله إلا باستجماع شروطه وانتفاء موانعه، فقد يتخلف عنه مقتضاه لفوات شرط من شروطه أو لوجود مانع -وهذا قول الحسن ووهب بن منبه وهو الأظهر- ثم ذكر عن الحسن البصري أنه قال للفرزدق وهو يدفن امرأته: ما أعددتَ لهذا اليوم؟ قال: شهادة أن لا إله إلا الله منذ سبعين سنة، قال الحسن نِعمَ العُدة، لكن. لا إله إلا الله شروط فإياك وقذف المحصنات، وقيل للحسن إن ناسًا يقولون مَن قال لا إله إلا الله دخل الجنة، فقال: مَن قال لا إله إلا الله فأدّى حقها وفرْضها دخل الجنة.