"ولم يذكرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى بلغ تبوك".
رسول الله [وهو جالس في القوم]: ما فعل كعب؟
رجل من بني سلمة: يا رسول الله حبسه بُرداهُ والنظر في عِطْفيه!
[إعجابه بشبابه وثيابه].
معاذ بن جبل: بئس ما قلت، والله يا رسول الله ما علمنا عليه إلا خيرًا.
فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبينما هو على ذلك رأى رجلاً مُبيِّضًا [لابس البياض] يزول به السراب [يتحرك]، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: كُنْ أبا خيثمة [اللهم اجعله أبا خيثمة]، فإذا هو أَبو خيثمة الأنصاري، وهو الذي تصدق بصاع التمر حين لمزه المنافقون [عابوه].
[رجوع الرسول من تبوك]
قال كعب بن مالك: فلما بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد توجه قافلًا [راجعًا] من تبوك، حضرني هَمّي فطفقتُ أتذكر الكذب وأقول: بمَ أخرج مِن سخطه غدًا؟ واستعنتُ على ذلك بكل ذي رَأي من أهلي، فلما قيل لي: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أظلَّ قادمًا [دنا قدومه]؛ زاح عني الباطل وعرفت أني لن أخرج منه أبدًا بشيء فيه كذب، فأجمعت [عزمت] صِدقَه.
وأصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم قادمًا، وكان إذا قدم من سفر بدأ بالمسجد فركع فيه ركعتين ثم جلس للناس، فلما فعل ذلك جاءه المخلَّفون فطفقوا يعتذرون إليه ويحلفون له، وكانوا بضعةً وثمانين رجلاً، فقبل منهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - علانيتهم، وبايعهم واستغفر لهم ووكَلَ سرائرهم إلى الله تعالى.