للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[السحر من عمل الشياطين]

قال الله تعالى: {وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (١٠١) وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (١٠٢) وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} [البقرة: ١٠١ - ١٠٣]

لما جاء محمد - صلى الله عليه وسلم - مصدقًا للتوراة التي مع اليهود كذبوه، ونبذوا القرآن والتوراة وراء ظهورهم ولم بعملوا بهما، واتبع اليهود ما تفتري الشياطين وتختلق من السحر على ملك سليمان، حيث أخرجت الشياطين السحر، وزعموا أن سليمان -عليه السلام- كان يستعمله وبه حصل له الملك العظيم، فكذبهم الله تعالى وبرأ النبي سليمان من السحر

الذي فيه الكفر والضرر، وأسند السحر والكفر إلى الشياطين الذين علموه لليهود، وأن هذا السحر لم ينزله الله على الملَكَين هاروت وماروت.

١ - قال الألوسي في تفسير قوله تعالى: {وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ} عطف على السحر، وفائدة العطف التنصيص بأنهم يعلمون ما هو جامع ما بين كونه سحرًا وبين كونه مُنزَّلاً للإبتلاء، فيفيد ذمهم بارتكابهم النبي بوجهين، فكأنه قيل اتبعوا السحر المدوَّن في الكتب وغيره، وهذان الملَكان أُنزلا لتعليم السحر ابتلاءً من اللهِ تعالى للنَّاس؛ فمن تعلَّم وعمل به كفر ومن تعلَّم وتوقَّى عملَه ثبت على الإيمان؛ ولله تعالى أن يمتحن عباده بما شاء كما امتحن قوم طالوت بالنهر، وتمييزًا بين السحر وبين المُعجزة، حيث إنَّه كثُر في ذلك الزمان وأظهر السحرةُ أمورًا غريبة وقع الشك بها في النبوة، فبعث الله تعالى الملَكين لتعليم أبواب السحر

<<  <  ج: ص:  >  >>