للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[كرامة المرأة المسلمة]

لقد بلغ من كرامة المرأة المسلمة أنها كانت تجير الخائف، وتفك الأسير، وهذا يدل على احترام المرأة المسلمة غاية الإحترام:

١ - فقد أجازت أم هانىء بنت أبي طالب رجلين مِن أحمائها (١) كُتب عليهما القتل قالت -رضي الله عنها-: ذهبت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام الفتح، فوجدته يغتسل وفاطمة ابنته تستره بثوبه، فسلّمتُ عليه، فقال: "مَن هذه؟ " فقلت: "أنا أُم هانىء بنت أبي طالب" فقال: "مرحبًا بأم هانىء" فلما فرغ مِن غسله قام فصلى ثمان ركعات ملتحفًا في ثوب واحد، فلما انصرف قلت: "يا رسول الله، زعم ابن أمي علي: أنه قاتلٌ رجلاً قد أجرتُه (٢) فلان بن هبيرة .. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:

(قد أجَرنا من أجرتِ يا أم هانىء) قالت أم هانىء: وذلك ضُحى. "رواه البخاري"

٢ - ولما أسر المسلمون أبا العاص بن الربيع، وغنموا ماله فيما أسروا وغنموا وكان زوج زينب بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، إلا أن الإِسلام فرَّق بينهما، استجار أبو العاص بزينب -رضي الله عنها-، فوعدته خيرًا وانتظرت حتى صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الفجر بالمسلمين، ثم وقفت على بابها -في المسجد- فنادت بأعلى صوتها: إني قد أجرتُ أبا العاص بن الربيع .. ، فمال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (أيها الناس هل سمعتم ما سمعت؟) قالوا: نعم. قال: (فو الذي نفسي بيده ما علمت بشيء مما كان حتى سمعتم الذي سمعتم: المؤمنون يدٌ على مَن سِواهم، يُجير عليهم أدناهم، وقد أجَرنا من أجارت).

"جاء معنى هذا الحديث في البخاري"

فلما انصرف النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى منزله دخلت عليه زينب فسألته أن يرد على أبي العاص ما أُخذ منه، ففعل. وقد عاد أبو العاص بعد ذلك إلى مكة، فأدى الحقوق إلى أهلها، ثم آب إلى المدينة مسلمًا، فرد عليه الرسول - صلى الله عليه وسلم - زوجه زينب).

"انظر سير أعلام النبلاء ١/ ٣٣٢، والإصابة ٧/ ٤٨"


(١) أحمائها: جمع حمَو، والمراد أبو الزوج ومن كان قِبلَه.
(٢) أجرته: منعت مَن يريده بسوء وآمنته شره وأذاه.

<<  <  ج: ص:  >  >>