للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النبي سليمان يمسح الخيل حبًا لها

قال الله تعالى:

{وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ (٣٠) إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ (٣١) فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ (٣٢) رُدُّوهَا عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ} [ص: ٣٠ - ٣٣]

ذكر كثير من المفسرين أن سليمان -عليه السلام- شغلته الخيل عن صلاة العصر، حتى غابت الشمس فأمر بقطع سوقها وذبحها تقربًا إلى الله، وقد اختلفت عباراتهم، وكلها تدور على هذا المعنى، وهذا التفسير عليه ملاحظات:

١ - قوله: {عَنْ ذِكْرِ رَبِّي} أي: صلاة العصر، لا دليل عليه، لأن كلمة (عن)

تأتي بمعنى (لأن) كما نقل الشوكاني في تفسيره عن ابن عباس في قوله تعالى {عَنْ ذِكْرِ رَبِّي} يقول: مِن ذكر ربي. [ج٤/ ٤٣٢]

فالخيل هي من ذكر الله، لأن فيها الإِعانة على الجهاد، ولذلك أمر الله تعالى برباطها فقال عز من قائل:

{وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ} [الأنفال: ٦٠]

وقد حل مكانها الآن الدبابات، والطائرات والمصفحات، والصواريخ، وغيرها من المخترعات.

فإعداد الخيل للجهاد من العبادات المطلوبة، بل هو من أفضلها، لذلك جاء مدحها في كثير من الأحاديث الصحيحة.

٢ - قول المفسرين {حَتَّى تَوَارَتْ} أي الشمس: لا دليل عليه أيضًا لأن الشمس ليس لها ذكر من قريب أو بعيد، والأقرب هو ذكر الخيل، فيكون المعنى: حتى توارت الخيل واختفت عن نظر سليمان -عليه السلام-.

<<  <  ج: ص:  >  >>