[عيسى -عليه السلام- حي في السماء]
قال الله تعالى بشأن عيسى -عليه السلام-:
{إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا} [آل عمران: ٥٥]
قد يتوهم بعض الناس من ظاهر هذه الآية الكريمة وفاة عيسى وموته، ولو رجعوا إلى أقوال المفسرين المعتمدين لهذه الآية لزال عنهم الوهم.
وقد اختلف المفسرون فيها على أقوال:
١ - إن التوهم جاء من كلمة (مُتَوفيك) على أن التوفي بمعنى الإماتة، وأنه قد حصل قبل الرفع، والجواب على هذا ما يلي:
أن قوله تعالى: {مُتَوَفِّيكَ} لا يدل على تعيين الوقت، ولا يدل على أن التوفي
قد مضى، والله تعالى متوفيه يومًا ما، ولكن لا دليل على أن ذلك اليوم قد مضى. وأما عطفه {وَرَافِعُكَ} على قوله: {مُتَوَفِّيكَ} فلا دليل فيه، لأن الجمهور من علماء اللغة يرون أن الواو لا تفيد الترتيب ولا الجمع، وإنما تفيد مطلق التشريك، والدليل قوله تعالى: {وَقَالُوا مَا هِيَ إِلا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا} [الجاثية: ٢٤]
فدلت الآية على أن الواو لا تفيد الترتيب، لأن المعطوف وهو الحياة سابق في الوجود على المعطوف عليه، وهو الموت.
وعليه فيكون معنى الآية: (إني رافعك إِليَّ ومُتوفيك) وقد ثبت بالأدلة على أن
عيسى حي في السماء، وأنه سينزل ويقتل الدجال ويكسر الصليب، وغير ذلك كما سيأتي، ثم يتوفاه الله بعد ذلك. [انظر أضواء البيان، وزاد المسير وغيرهما]
٢ - التفسير الثاني: أنها وفاة نوم للرفع إلى السماء فيكون معنى الآية:
(إني مُنيمك، ورافعك إليَّ).
وقد جاء في القرآن إطلاق الوفاة على النوم في قوله تعالى:
{وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ} [الأنعام: ٦٠]