٢ - وقد قرأت في كتاب عنوانه (في مدرسة النبوة) للأخ أحمد محمد جمال قال فيه:
ولقد عجبت للأخ (محمد جميل زينو) حين كتب في جريدة الندوة يوم ٢٦/ ٤/ ١٤١١ هـ يستنكر صيغة الصلاة على الرسول - صلى الله عليه وسلم - اعتاد بعض المسلمين ترديدها، وهي قولهم (اللهم صَلِّ على محمد طب القلوب ودوائها وعافية الأبدان وشفائها ونور الأبصار وضيائها) وقال: إن الشافي والمعافي للأبدان والقلوب والعيون هو الله وحده، والرسول لا يملك النفع لنفسه ولا لغيره- إلخ.
وأوَد للأخ محمد زينو أن يعلم أن لهذه الصيغة مفهومين صحيحين:
أ - إن طب القلوب وعافية الأبدان، ونور الأبصار صفة، أو ثمرة للصلاة على الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وقد عرفنا من الأحاديث السابقة فضل الصلاة على الرسول - صلى الله عليه وسلم - وبركاتها وأنها صادرة من الله -عَزَّ وَجَلَّ-. . .
وصلاة الله على العباد هي الرحمة والبركة والعافية والشفاء.
ب - إن طب القلوب، وعافية الأبدان، ونور الأبصار صفة للرسول نفسه. . وهذه أيضًا لا نكران عليها، ولا غرابة فيها فالرسول - صلى الله عليه وسلم - ذاته -كما وصفه القرآن الكريم- رحمة في قول الله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ}. [الأنبياء: ١٠٧]
وهو كذلك نور وضياء، كما وصفه القرآن في قوله -عَزَّ وَجَلَّ-:
{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (٤٥) وَدَاعِيًا إِلى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا}. [الأحزاب: ٤٥، ٤٦]
وفي روايات متعددة يصف الرسول نفسه بأنه رحمة مُهداة إلى الإنسانية ليخرجها من الظلمات إلى النور، ويشفي قلوبها وأبصارها، وأبدانها مِن الأسقام الحسية والمعنوية معًا، يقول - صلى الله عليه وسلم -: (إنما أنا رحمة مُهداة). "أخرجه ابن عساكر"
(إني رحمة بعثني الله). "رواه الطبراني"
(إني لم أُبعَث طعانًا، وإنما بُعِثت رحمة). "رواه مسلم"
١ - أقول: إن الصيغة السابقة التي قال عنها المؤلف اعتاد الناس ترديدها. لا تجوز لأن الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - عبادة، والعبادة مبناها على التوقف حتى يأتي الدليل، ولا دليل على هذه الصيغة، ولا سيما أنها تخالف جميع الروايات التي وردت عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - وصحابته، والسلف الصالح، بالِإضافة إلى أن فيها غلُوًا وإطراء لا يرضاه الله والرسول - صلى الله عليه وسلم -. فهل يجوز لمسلم أن يترك الصيغة التى علمها الرسول - صلى الله عليه وسلم - أصحابه،