قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (ما مِن مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثمٌ ولا قطيعةُ رَحِم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن يُعجِّل له دعوته، وإما أن يدَّخِرَها له في الآخرة، وإما أن يَصرف عنه مِن السُّوء مثلها. قالوا. إذًا نُكثِر. قال: الله أكثر). "صحيح رواه أحمد"
٦ - الإعتداء في الدعاء:
قال الله تعالى:{ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ}
"الأعراف: ٥٥"
قال ابن القيم -رحمه الله-:
أ - قيل: المراد أنه لا يحب المعتدين في الدعاء. كالذي يسأل ما لا يليق به من منازل الأنبياء وغير ذلك، وقد روى أبو داود في سننه من حديث حماد بن سلمة عن سعيد الجريري عن أبي نعامة أن عبد الله بن مغفل سمع ابنه يقول:
اللهم إني أسألك القصر الأبيض عن يمين الجنة إذا دخلتها. فقال يا بُني، سَلِ الله الجنة وتعَوذ من النار، فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:
(إنه سيكون في هذه الأمة قوم يَعْتَدُون في الطُّهُور والدُّعاء.
"صحيح رواه أبو داود وأحمد"
وعلى هذا فالإعتداء في الدعاء تارة بأن يسأل ما لا يجوز له سؤاله من الإِعانة على المحرمات، وتارة بأن يسأل ما لا يفعله الله، مثل أن يسأله تخليده إلى يوم القيامة، أو يسأله أن يرفع عنه لوازم البشرية من الحاجة إلى الطعام والشراب، أو يسأله أن يطلعه على غيبه، أو يسأله أن يجعله من المعصومين، أو يسأله أن يهب له ولدًا من غير زوجة ولا أمة، ونحو ذلك مما سؤاله اعتداء. فكل سؤال يناقض حكمة الله أو يتضمن مناقضة شرعه وأمره، أويتضمن خلاف ما أخبر به فهو اعتداء لا يحبه الله ولا يحب سائله.
ب - وفُسِّر الإعتداء برفع الصوت أَيضًا في الدعاء.
قال ابن جُرَيج: مِن الإعتداء رفيع الصوت في الدعاء، والنداء في الدعاء والصياح. "انظر بدائع التفسير ٢/ ٢٣٢"