وروى الطبري من وجه آخر عن ابن مسعود فزاد فيه: والإِنس الذين كانوا يعبدونهم لا يشعرون بإسلامهم، وهذا هو المعتمد في تفسير الآية.
"انظر فتح الباري ج ٨/ ٣٩٧"
والوسيلة: هي القربة، كما قال قتادة، ولهذا قال:
{أَيُّهُمْ أَقْرَبُ}. "انظر ابن كثير ج ٣/ ٤٧"
أقول: في هذه الآية رد على الذين يدعون غير ربهم من الأنبياء والأولياء ويتوسلون بهم، ولو توسلوا بإيمانهم بهم، وحُبهم لهم -وهو من العمل الصالح- لكان حسنًا، لأنه من التوسل المشروع.
يقول ابن كثير في تفسير هذه الآية ما خلاصته:
نزلت هذه الآية في جماعة من الإنس كانوا يعبدون الجن ويدعونهم من دون الله، فأسلم الجن، وتمسك هؤلاء بدينهم.
وقيل نزلت في جماعة من الإنس كانوا يدعون المسيح والملائكة.
فهذه الآية تنكر على من يدعون غير الله ولو كان نبيًا أو وليًا.
٧ - يزعم البعض أن الإستعانة بغير الله جائزة ويقولون:
المغيث على الحقيقة هوالله، والإستعانة بالرسول والأولياء تكون مجازًا كما تقول شفاني الدواء والطبيب.
وهذا مردود عليهِم في قول إبراهيم -عليه السلام-:
{وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ} "الشعراء: ٨٠"
أكد بالضمير (هو) في كل آية ليدل على أن الهادي والرازق والشافي هوالله لا غيره، وأن الدواء سبب الشفاء وليس شافيًا.
٨ - الكثير من الناس لا يفرق بين الاستغاثة بحي أو بميت والله تعالى يقول:
{وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاءُ وَلَا الْأَمْوَاتُ} "فاطر: ٢٢"
أما قوله تعالى: {فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ}.
"القصص: ١٥"
فهيِ حكايته عن رجلِ استغاث بموسى حيًا فيما يقدر عليه، وقد فعل ذلك:
{فوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضى عَلَيهِ} "القصص: ١٥"
وأما الميت فلا يستطيع الإجابة لعدم قدرته، قال تعالى:
{إن تَدعُوهُم لَا يَسمَوُا دُعَاءَكُم وَلَو سمِعُوا مَا استَجَابُوا لَكُم وَيَومَ القِيامَةِ يَكفُرُونَ بِشِرككُم وَلَا يُنَبئُكَ مِثلُ خَبِيرٍ}. "فاطر: ١٤"