يعبدون الله، ويدعونه وحده حين الشدة، ويدعون غيره حين الرخاء وذهاب الشدة وقد حكى القرآن عليهم فقال:{فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ}. [العنكبوت: ٦٥]
وقد وصفهم بالشرك، مع أنهم كانوا يدعون الله وحده حين خشية الغرق في السفن، لأنهم لم يستمروا على ذلك، بل دعَوا غيره حين أنجاهم.
٣ - إِذا كان الله -تعالى- لم يرض عن حالة العرب قبل الإِسلام، بل كفرهم وأمر نبيه أن يقاتلهم لأنهم دعَوا غير الله حين الرخاء، ولم يقبل منهم إِخلاصهم في دعاء الله وحده وقت الشدة، وسماهم مشركين، فما بال بعض المسلمين اليوم يلجؤون إِلى الأولياء الأموات في حالة الشدَّة والرخاء أيضًا، ويطلبون منهم ما لا يقدر عليه إِلا الله وحده كشفاء المرض وطلب الرزق والهداية وغيرها؛ وينسون الخالق للأولياء وهو الشافي والرازق والهادي وحده؟ وهؤلاء الأموات لا يملكون شيئًا، ولا يسمعون نداء غيرهم لهم، كما قال الله - تعالى: {وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ (١٣){إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ}[فاطر:١٣ - ١٤]
وهذه الآية صريحة في عدم سماع الأموات لمن يُناديهم، وصريحة في أن دعاءهم من الشرك الأكبر ....
قد يقول قائل: نحن لا نعتقد أن هؤلاء الأولياء والصالحين ينفعون أو يضرون، بل نتخذهم واسطة وشفعاء نتقرب بهم إِلى الله، وجوابنا لهم: إن المشركين قبل الإِسلام كانوا يعتقدون مثل هذا الاعتقاد، كما قال القرآن عنهم بقوله:{وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ}. [يونس: ١٨]
وهذه الآية صريحة في أن من يعبد ويدعو غير الله وهو من المشركين، وإن كان