٢ - ومثال آخر قوله تعالى:
{لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ}. [يونس: ٢٦]
فقد فسر النبي - صلى الله عليه وسلم - الزيادة بالنظر إلى وجه الله تعالى حينما قال:
"فيكشف الحجاب فما أُعطوا شيئًا أحب إليهم من النظر إلى ربهم ثم تلا هذه
الآية: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} " [رواه مسلم]
٣ - ومثال آخر في قول الله تعالى:
{يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ}. [القلم: ٤٢]
فقد ذكر البخاري في كتاب التفسير عند تفسير هذه الآية الحديث الآتي:
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يكشف ربنا عن ساقه فيسجد له كل مؤمن ومؤمنة، ويبقى مَن كان يسجد في الدنيا رياءً وسُمعة فيذهب ليسجد فيعود ظهره طبقًا واحدًا". [باب يوم يكشف عن ساق ج ٦/ ٧٢]
ولا يلزم منه تشبيه ولا تجسيم {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} فأهل السنة والجماعة يثبتون ما أثبت الله لنفسه كاليدين والوجه والسمع والبصر، وما أثبته رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كالساق والأصابع والقدم على ما يليق بجلاله ولا نعلم كيفيتها.
٤ - ومثال آخر: عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال:
لما نزلت: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} [الأنعام: ٨٢]
شق ذلك على المسلمين، قالوا: أينا لا يظلم نفسه؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ليس ذلك، إنما هو الشرك ألم تسمعوا قول لقمان لابنه:
{يَابُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان: ١٣]
قال الحافظ في الفتح: (لم يلبسوا: أي لم يخلطوا).
ومن فوائد الآية والحديث: أن درجات الظلم تتفاوت، وأن المعاصي لا تسمى
شركًا، وأن من لم يشرك بالله شيئًا فله الأمن وهو مُهتد. [ذكره الحافظ في الفتح]
أقول: هناك أمثلة كثيرة لتفسير الرسول - صلى الله عليه وسلم - للقرآن سوف أجمعها إن شاء الله في كتاب بعنوان (التفسير النبوي للقرآن الكريم) أو (تفسير القرآن بالحديث النبوي الصحيح).