ينطق عن الهوى، ولأن الله تعالى يقول:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ}. [الحجرات: ١]
(أي لا تُقدِّموا قولاً أو فعلًا). [ذكره ابن كثير]
مثال ذلك قول الله تعالى: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ} [سورة القلم: ٤٢]
فقد فسرها البخاري بالحديث:
"يكشف ربنا عن ساقه فيسجد له كل مؤمن ومؤمنة .. ". [متفق عليه]
وجاء في رواية عن ابن عباس في تفسير الآية قال:
هو يوم كرب وشدة (١). [ذكره ابن جرير]
فإن صح النقل عنه فلا يتعارض مع الحديث الذي فسر الآية بالساق لله تعالى من غير تشبيه، فيكشف ربنا عن ساقه يوم القيامة، وهو يوم كرب وشدة.
ويمكن أن يقال: إن ابن عباس لم يبلغه حديث أبي سعيد الخدري الذي فسر
الآية، كما ثبت في الصحيح أن أبا موسى حين استأذن على عمر ثلاثًا فلم يؤذن له انصرف ثم قال عمر: ألم أسمع صوت عبد الله بن قيس يستأذن؟ ائذنوا له، فطلبوه فوجدوه قد ذهب، فلما جاء بعد ذلك قال: ما أرجعك؟ قال: إني استأذنت ثلاثًا ولم يُؤذَن لي، وإني سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول:
"إذا استأذن أحدكم ثلاثًا ولم يُؤذن له فلْينصرف".
فقال عمر: لتأتيني على هذا ببينة وإلا أوجعتك ضربًا، فذهب إلى ملأ من الأنصار فذكر لهم ما قال عمر، فقالوا: لا يشهد لك إلا أصغرنا، فقام معه أبو سعيد الخدري فأخبر عمر بذلك فقال:
ألهاني عنه الصفق بالأسواق. [متفق عليه]
(١) ضعف قول ابن عباس (سليم الهلالي) في كتابه (المنهل الرقراق) لاضطرابه.