وهذه القصة تذكرنا بقصة جرت مع الإمام البخاري رحمه الله حينما رحل إلى بلد بعيد لِيأخذ الحديث عن رجل سمع به، فلما وصل إليه بعد سَفر طويل ومشقة وجدَه يُنادي حيواناً بيده وذيله دون أن يكون معه شيء، فرجع البخاري ولم يأخذ عَنه الحديث، لأن الذي يكذب على الحيوان قد يكذب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
ونرى كثيراً من الناس يكذب بحجة المزح، أو يكذب على ولده، ولا يدري أن
هذا مسجل عليه في أعماله وفي الحديث:
"أنا زعيم بيت في ربض الجنة لمن ترك الكذب ولو كان مازحاً". [حسنه الألباني]
فعليك يا أخي المسلم أن تعمل بما تقرأ وتسمع حتى يكون القرآن حجة لك لا عليك، ولا سيما حفظة القرآن والمشتغلين بعلومه وتفسيره، فكثيراً من حفظة القرآن ومفسريه لا يتقيدون بتعاليمه وآدابه.
وهناك من الرجال من يحفظ القرآن، ويشتغل بتفسيره مدة طويلة ولكنه لا يتورع عن الكذب ورمي إخوانه باقبح الخصال، والفحش من الكلام، دون سبب موجب، حتى لقد حكم على رجل مُحدِّث عالم جليل سلفي العقيدة بأنه يحترق في نارجهنم!! وهاجم أحد إخوانه في الحرم المكي وقال له:
يا جاهل يا ضال أنت ترد عليَّ!!! علما بأن أخاه نصحه وبيَّن أخطاءه بلطف،
ولكن أخذته العزة بالِإثم، فخاصم وفجر في بيت الله الحرام، مع أن المشرك قبل الإِسلام كان يحترم الحرم، فإذا وجد قاتل أبيه أعرض عنه احتراماً لبيت الله الحرام؛ فماذا استفاد هذا الرجل من حفظه للقرآن وتفسيره؟ لا شك أنه سيكون حجة عليه كما ورد عن الصادق المصدوق: "والقرآن حجة لك أو عليك". [رواه مسلم]
وأعرف من حفظة القرآن مَن يتخذه مهنة ليقرأه على الأموات ويأخذ الأموال ويأكل الطعام على الموائد، وقد حذر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أُمته فقال:
١ - اقرأوا القرآن واعملوا به، ولا تجفوا عنه، ولا تغلوا فيه، ولا تأكلوا به، ولا
تستكثروا به". [صحيح رواه الإمام أحمد وغيره]
٢ - "اقرأوا القرآن وسلوا الله به، قبل أن يأتي أقوام يقرؤون القرآن فيسألون به الناس". [صحيح رواه الإِمام أحمد وغيره]