فالمراودة: وهي طلب المرأة من يوسف أن يواقعها بعد تغليق الأبواب قد حصلت، وقد قالت له: أقبل إليَّ فإني أُحب مضاجعتك! فكان جواب يوسف: {مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ}[يوسف: ٢٣]
فكان هذا الرد الحاسم من يوسف صفعًا لها، ومخيبًا لآمالها، ومخالفًا لأمرها، ولا سيما وأنها السيدة امرأة العزيز، ويوسف فتى عندها وخادم لها، فلذلك همَّت به أن تضربه تأديبًا له، لعله يستجيب بهذا الضرب إلى طلبها، بعد أن امتنع عن طلبها بالقول اللين، والعبارات المغرية.
٢ - أما اللحاق: وهي الآية التي بعدها، وهي قوله تعالى:
فالله قد صرف عنه السوء وهو الضرب الذي لو فعله للحق به ما يُسيء إليه، وهو إلصاق التهمة به، وقد صرف الله عنه الفحشاء: وهو الزنى بامرأة العزيز،
وعلل ذلك قوله:{إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ}[يوسف: ٢٤]
فيوسف -عليه السلام- من عباد الله الذين استخلصهم، واصطفاهم لرسالته،
وعصمهم من السوء والفحشاء، فلا يمكن أن يقع يوسف في السوء والفحشاء، لأن الله صرف عنه ذلك، فلذلك جاء التعبير بقوله:{لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ} ولم يقل لنصرفه عن السوء والفحشاء، وهذا يرد على القائلين بأن يوسف وقع منه همٌّ بامرأة العزيز.
٣ - ودليل آخر على تفسير الهمِّ بالضرب: هو همُّ يوسف بالهرب منها تخلصًا منها حينما حاولت ضربه، وقد لحقته لتمسك به وتأخذه بقوة، وأمسكت بقميصه من الخلف فشقته، وذلك قوله تعالى: