الجبلين فيهلكهم، فلا يكون جواب الرسول الكريم الرحيم إلا أن يقول:
(بَلْ أرْجُوا أنْ يُخْرجَ الله مِنْ أصلابهم مَنْ يَعْبُد اللهَ وحدَه؛ لا يشرِك به شيئاً).
"متفق عليه"
جلس الرسول - صلى الله عليه وسلم - يفكر كيف يستطيع أن يدخل مكة بعد هذا كله، فأرسل إلى الأخنس بن شريق أن يدخل مكة في حمايته وجواره، فأبى، ثم أرسل إلى المطعم بن عدي بطلبه هذا، فرضي، وكان يذكرها له.
٣ - موت خديجة:
لقد زاد في مرارة هاتين الحادثتين (موت عمه وخروجه إلى الطائف) موت زوجته الوفية "خديجة" -رضي الله عنها- التي كانت تخفف آلامه، وتشجعه في دعوته، وتمده بأموالها؛ فخلا الميدان من العم الشفيق الناصر، وانطفأ سراج البيت بموت الزوج الحبيب المؤنس، فسمى بعضهم ذاك العام "عام الحزن".
بعد كل هذه الحوادث الأليمة، والهزات النفسية التي زادت من هموم الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأتعابه، أراد الله أن يكرمه بِالِإسراء والمعراج ليريه من آياته وليلتقي بالأنبياء -عليهم الصلاة والسلام- الذين وجدوا في دعوتهم من الصعاب مثل ما وجده في دعوته ها هم الأنبياء يقتدون به في بيت المقدس، وها هي الملائكة ترحب به في السماوات، وكأنه قيل له:
يا محمد لئن كان يؤذيك شتم السفهاء في الأرض أما يُرضيك ترحيب الملائكة والمرسلين بك في السماوات؛