فربط سبحانه حصول هذه المطالب العلية بعبادته وحده لا شريك له الذي هو معنى ومقتضى لا إله إلا الله.
٤ - حصول الطمأنينة النفسية والإستقرار الذهني لمن قال لا إله إلا الله وعمل بمقتضاها لأنه يعبد ربًا واحدًا يعرف مراده وما يُرضيه فيفعله ويعرف ما يُسخطه فيجتنبه بخلاف مَن يعبد آلهة مُتعددة كل واحد منها له مراد غير مراد الآخر كما قال تعالى:
قال الإِمام ابن القيم -رحمه الله-: هذا مثل ضربه الله سبحانه للمُشرك والموَحد، فالمشرك بمنزلة عبد يملكه جماعة متنازعون مختلفون متشاحنون؛ والرجل المتشاكس: السيء الخلق.
فالمشرك لما كان يعبد آلهة شتى شُبه بعبد يملكه جماعة متنافسون في خدمته لا يمكنه أن يبلغ رضاهم أجمعين، والموحد لما كان يعبد الله وحده فمثله كمثل عبد لِرَجل واحد قد سَلِم له وعلم مقاصده وعرف الطريق إلى رضاه فهو فى راحة مِن تشاحن الخلَطاء فيه بل هو سالم لمالكه من غير تنازع فيه مع رأفة مالكه ورحمته له وشفقته عليه وإحسانه إليه وتوليه لمصالحه فهل يستويان هذان العبدان. "إعلام الموقعين ١/ ١٨٧"
٥ - حصول السمو والرفعة لأهل لا إله إلا الله في الدنيا والآخرة كما قال تعالى:{حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ}. "الحج: ٣١"
فدلتَ الآية على أن التوحيد عُلوٌ وارتفاع وأن الشرك هبوط وسُفول وسقوط.
قال العلامة ابن القيم -رحمه الله-: شبه الإِيمان والتوحيد في علوه وسعته وشرَفه بالسماء التي هي مصعده ومهبطه، فمنها هبط إلى الأرض وإليها يصعَد منها، وشبه تارك الإِيمان والتوحيد بالساقط مِنْ السماء إلى أسفل سافلين من حيث التضييق الشديد والآلام المتراكمة والطير التي تخطف أعضاءه وتُمزقه كل مُمَزق بالشياطين التي يرسلها الله