تمنعاً. مثلك يا أبا الربيع يكون ناظراً للمسلمين. قال جبلة: كان سحنون لا يأخذ لنفسه رزقاً، ولا صلة من السلطان في قضائه كله. ويأخذ لأعوانه وكتابه وقضائه من جزية أهل الكتاب. قال ابن سحنون: وسمعته يقول للأمير: والله لو أعطيتني ما في بيت مالك، وقال له لو ملأت مجلسك هذا لي دراهم ودنانير، ما سألني الله أن أقبل منك ذلك. ولا آخذ منك شيئاً ويقول لو أخذته لجاز لي. ولكنه تورع. وسمعته يقول للأمير: حبست أرزاق أعواني وهم أجراؤك. وقد وفوك عملك ولا يحل لك ذلك. وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: أعط ألأجير حقه قبل أن يجف عرقه.
قال ابن مسكين: كان سحنون قبل أن يلي أشرف منه بعد ما ولي. ولقد امتنع من النظر وجلس في بيته مدة. حتى حضر جنازة فرأى منكراً فأمر بتغييره، وانصرف، فنظر بين الناس. قال ابن سحنون: يضرب الخصوم إذا آذى بعضهم بعضاً بكلام. أو تعرضوا للشهود. ويقول: إذا تعرض للشهود كيف يشهدون. ويؤدب الخصوم إن طعن على الشاهد بعيب، أو تجريح، أو يقول سل لي عن البينة. فإنهم كذا، حتى يسأله هو عن تجريحه. ويقول للخصم: أنا أعني بذلك منك، وهو علي دونك. وكان إذا دخل عليه الشاهد، ورعب منه، أعرض عنه، حتى يستأنس، ويذهب روعه. فإن طال ذلك به هون عليه. وقال له: ليس معي سوط ولا عصا، فلا عليك بأس. أد ما علمت ودع ما لم تعلم. قال جبلة: كان سحنون يؤدب الناس على الإيمان التي لا تجوز في الطلاق، والعتق. حتى لا يحلفوا بغير الله. ويؤدبهم على سوء الحال، في لباسهم، وما نهي عنه، ويأمرهم بحسن السيرة، والقسط.