وقد ذكر أن بعض جيران ابن حبيب اشتكى إليه، بأن بعض المنصرفين لبعض الوزراء، أنه يؤذيه، ويستطيل عليه.
فأمر عبد الملك برصده، فجيء به إليه، فضرب بين يديه ضرباً مبرحاً، فشكا الى صاحبه فكتب الى يحيى بن يحيى، فذكر له ما صنع ابن حبيب، بصاحبه وحاشيته. وسأله تأييده عليه عند الأمير. فكتب إليه يحيى: ما كنا نعينك على العلم وأهله، وأيم الله لأقلامنا أنفذ من سهامكم. فانصرف عن رأيك والسلام. وذكر أنه لما أراد أن يرحل، سأل عيسى بن دينار، أن يوصيه في مذهبه في رحلته، فقال له عيسى: إذا أصبت عالماً، فلا تظهر له مع علمه علماً، فيحرمك ما عنده. ومن فتاويه القصة المشهورة، وذلك أنه فيما ذكر أن المعروف بابن أخي عجَب، كان قد تكلم بعبث من القول في يوم غيم، شهد به عليه، فأمر الأمير عبد الرحمن بحبسه فأبرمته عمته عجب في إطلاقه. وكانت مكينة عند الأمير في حظاياه. فقال لها: نكشف أهل العلم، عما يجب عليه. وأمر والي المدينة بإحضاء الفقهاء، وفيهم القاضي موسى بن زياد وابن حبيب وأصبغ بن خليل، وعبد الأعلى بن وهب، وأبو زيد بن ابراهيم وابان بن عيسى.
فشاورهم في أمره فتوقفوا كلهم عن سفك دمه، إلا ابن حبيب وأصبغ وخرج عليهم فتى يقول لصاحب المدينة: قد فهم الأمير ما أفتى به القوم في أمر هذا الفاسق. وهو يقول للقاضي: اذهب فقد عزلتك. وأما أنت يا عبد الأعلى، فقد كان الشيخ يحيى يشهد عليك بالزندقة ومن كانت هذه عنده صفته فكيف تسمع فتياه. وأما أنت يا ابان بن عيسى، فأردنا أن نوليك قضاء جيان فزعمت