للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فأطرقت ثانية. قال إذن فتعالي إلى عشاء طيب وسمر.

ولم تمض لحظة أخرى حى استوقف مركبة يجرها جواد أدهم. وساعد الفتاة على أن تنأخذ مكانها منها. ثم أهاب بالسائق إلى دار الرهبنة. وانطلقت بهما المركبة.

ودار الرهبنة هذه فندق مستجمع شروط الرفاهة والراحة فيه نحو مائتي نوع من الحجرات تتراوح أجورها بين خمس روبلات وبين خمسين في الليلة الواحدة. وتختلف درجاتها من حجرة ذات سرير وأدوات الزينة اللازمة إلى طابق فيه قاعة للجلوس وحجرة للنوم وحمام رحيب. ولهذه الدار ستة عشر مدخلاً لتقل فرصة لقاء من لا تود لقاءه.

وكان الرجل تاجراً ناعم الحال طيب المرتزق. ولذلك تخير طابقاً فخماً. وبينما هما يسيران في أثر الغلام إلى البهو إذ بهما يسمعان دق جرس صغير واستمر في دقه حتى احتوتهما قاعة الجلوس ثم سكت الجرس.

فسألت الفتاة رفيقهاز ما أمر هذا الجرس؟ فأجابها الرجل وهو ينزع عن يديه قفازاته ويبتسم للخادم تلك إحدى عادات هذا المكان. أليس كذلك يا أيفان. إن الجرس يدق ليلفت الزوار إلى أن لا يتركوا حجراتهم حتى يستقر الأضياف الجدد في أماكنهم ولئلا يرى الزائر في طرقات الدار وممشيها ناساً لا يحب أن يراهم. والحق أقول لك. ن كل شيء في دار الرهبنة على أبدع نظام.

فأطرقت الفتاة برأسها مبتسمة ووقفت في بهرة لقاعة. وأمر الرجل متعجلاً كأنه من (زبائن) الدار. بتهيئة الطعام. ولم يكد الخادم يترك الحجرة حتى التفت إليها متعجباً وهو يقول كيف ذلك ألم تنزعي بعد قبعتك. وربطتك؟ وتقدم نحوها كأنما ليعينها.

وأسرعت هي إلى مرآة هناك ورفعت القبعة عن رأسها وأخذت تنظم شعرها. ثم جعلت تنضو عنها ربطتها في رفق. ثم طبقتها بعناية. ووضعتها على المقعد.

وشرع الرجل في الحديث قال. إن لقائي بك الليلة لنعمة عين. فلقد كنت هذا المساء في حيرة من أمري. حتى اهتدى بصري إلى وجهك الجميل فكم سنك يا ربكة؟

قالت ست عشرة.

قال لقد كنت أظن أنك في الربيع التاسع عشر. على أنكن اليهوديات تفرعن أكثر منا نحن الروس. أليس كذلك؟