للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فتلفت المناظرة طرفه عنها وتلوى عنقه فلا غرو إن كنت في سوق الجدال والمحاججة اربح صفقة وأنفق سلعة مني في سوق الحسان والغواني.

والعلوم العالية والملكات الكبيرة لا تفهمها الغواني فهي لهن من قبيل الألغاز والمعميات وما استرسالك في الشيء لا يفهمه جليسك؟ أليس هو الحق بعينه؟ والأديب المحض الذي لم ير الدنيا إلا من خلال السطور في الصحف ضائع عند الفتيات على كل حال فهو إن تكلم لهن في العلميات كلمهن فيما لا يفهمن وإن طرق من الموضوعات ما يفهمن طرق مالا يفهم. فهو خاسر الصفقتين. خائب الكرتين. وقد جاء في إحدى القصص عن عاشقين أنه بينهما كان الفتي يكد اللسان أمام الفتاة في شرح صورة لشهير من المصورين كانت الفتاة تجرب على أديم الأرض بقدمها حركة من حركات الرقص.

ولقد نعي على الشعراء أنهم لا يحسنون اختيار الغواني. ورأيي أن الأمر ليس باختيار. وإنما اضطرار. ولو أجاد الشعراء الانتخاب لأرونا الملائكة لا الفتيات. ولا بصرناهم مع الحور العين لا الغادات. ولكن الشاعر الذي امتلأ خياله بخواطر الحب والجمال وفاض لا يكاد يبصر من إحدى الفتيات دلائل الود والعطف حتي يفيض عليها من كنز خاطره ملاحة موهومة ويصب عليها من مغاصة وهمه لآلئ حسن سرابي. من مصاغة خياله حلي جمال خلبي. وماذا يضر الشاعر الذي هذا شأنه أنه يعشق باطلاً ويلذ خدعة كاذبة ما دام يلذ ويعشق ومادام طرفه من البرق الخلب في بهجة ومتاع. وصدره في ثلج من المنظر الباطل الخداع؟

وثمت غلطة أريد أن أنبه إليها الناس. وهي أن الأدباء والمصورين ومن يشاكلهم من أهل الفنون السامية ربما يتسرب إلى ظنونهم إن رفض الغانيات إياهم يرجع إلى نقص في ثروتهم أو جاههم وإنهم قد يبلغون آمالهم عند نساء الطبقات الأدنى حيث ينظر إلى أدبهم ويحفل بطيب خلالهم وقوة ملكاتهم. وهذا منتهى الضلال وغاية الخطأ لأن رفض الغانيات إياهم راجع إلى عدم رضاهن عن أشخاصهم لا ثرواتهم ومنازلهم - راجع إلى سخطهن على غريب أفكارهم وشواذ أحوالهم. والمرأة العالية قد تفطن بعض الشيء إلى مراميهم وفحوى كلامهم. وتهتدي بعض الاهتداء إلى فهم أخلاقهم وطباعهم فأما نساء الطبقات المنحطة فلن يكن من أحوالهم إلا على عمياء. وفي ظلمة طخياء. وإذا استقبل المرأة