ولا فروع له مهصورة. ولا صون له متأودة. . . . . حيث تخلق أغرب الطيور. وتدب لطف الحشرات، وتزحف الأفاعي وذوات الأثدية. وتعدو في أكماتها الأثمار. وتنساب في مسارحها العاصرات من البوّاء. هناك عند وريف الظل كان يسمع ولس تغريد الأطيار.
وفي أثناء رحلاته. تفرغ إلى التفكير في موضوع نشوء الأنواع. وفي سنة ١٨٥٥ كتب ولس مقالاً في (القانون الذي به تتولد الأنواع الجديدة) وبعد ذلك بثلاثة أعوام ظهر مقاله الطنان الذي قرن أسمه باسم دارون. وجعله شريكه في اكشاف نظرية الانتخاب الطبيعي.
أما أصل مذهب (نشوء الأنواع) فيظهر أن دارون سبق ولس إلى إعلانه. وإن كان اسم الثاني يجب أن لا ينسى إذا ذكر ذلك المذهب.
وقد كتب دارون إلى هوكر لقد عزمت على أن أجمع على غير هدى كل حقيقة تدور حول الأنواع وسرها. . . . . . وقد اهتديت أخيراً إلى بصيص من النور. وأكاد أوقن (وفي ذلك مناقضة لما كتبت في مطلع الخطاب) أن الأنواع قابلة للتغير (وكأن اعترافي هذا اعتراف بجريمة قتل). . . . . . . . وأظنني قد اكتشفت الطريقة السهلة في تذليل الأنواع إلى مقاصد كثيرة.
هكذا تجلى سحر الحق على دارون، فكتب ما كتب. وصرح إلى هوكر ولايل ما صرح.
وحوال ذلك الحين. كان ولس في غابات (ترنات) البكر. قد أدنفته حمى الملاريا. وأوهنت جسمه. ولكنه كان يفكر في نفس الموضوعز ثم سطع عليه نور الحقيقةز فلم تكد تذهب عنه الحمى قليلاً. حتى كتب مقالة إلى دارون في شأن الموضوع. وقد قال دارون بعد قراءتها أن هذه المقالة في جلاء معانيها. وأوضح مراميها. تحوي تماماً ما كتبت أنا في مقالي. ولو كانت عند ولس مسوداتي المكتوبة في سنة ١٨٤٢ لما استطاع أن يخرج منها مختصراً أحسن من مختصره. وأن اصطلاحاته ليست الآن إلا رؤوساً لموضوعاتي وعناوين لفصولي. إذن فسيضيع ابتكاري هباءً منثوراً. وقد سبقت إلى اكتشافي جد السبق
وأن سلوك الرجلين لهو مثال واضح ودليل جلي على ما سمي بعد ذلك (تلك الفضيلة السامية. وذلك الكرم العالي والسماحة الكبيرة. التي لن يضعف أبد الدهر وقعها من نفوس الناس).
كتب ولس إلى دارون يقول أما عن النظرية فأني سأكفل دائماً أن تكون لك. ولك وحدك. .