للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومعصفر ملاءة الغروب. ولكن خيالي الضعيف متى واجه عروس الطبيعة أغضى هيبة وأطرق حيرة وطوى إبراده كبعض الزهر ساعة الأصيل وكذلك أعجز كل العجز عن صفة تلك المشاهد وأنا حيالها وبين أيديها. فأما بعد ذلك بزمن - بعد الادكار والاستحضار والروية - فذاك شيء آخر.

وعلى كل حال فالصمت والسكينة للنزهة والطبيعة. وبديع الوصف وغريب التصوير للغرفة والمحفل. ولذلك كان صديقي الكاتب الممتع شارلس لام أسوأ رفيق في النزهة لأنه أحسن جليس في الغرفة ولا أنكر أن هناك موضوعاً واحداً يرتاح المرء إلى طروقه أثناء السياحة - وهو الكلام في شأن طعام العشاء وماذا نتناول من الألوان في المطعم الذي نحن قاصدوه بأقرب قرية. فإن هذه المحادثة لتستعير لذة وتستفيد حلاوة من الهواء الفضفاض من حيث أنه يشحذ الشهوة ويسن أنياب الجوع. وكل فرسخ يطوي بهذا الحديث يحسن طعم الطعام المنتظر ويطيب مذاق الألوان المتوهمة ثم ما أمتع أن يطرق الإنسان لدى مسقط ظلال الليل بلدة قديمة ذات أسوار وحصون أو يأتي قرية متاطمنة الذرى تتعثر أشعة أضوائها فيما يلفها من ملاحف الظلماء فيلقى بها عصار التسيار ويتبوأ دمثاً ليناً وثيراً. هذه يا سيدي نعم جليلة ولذات يجب أن لا تكدر بالشريك الذي لا يذوقها حق مذاقها ولا يلذها تمام اللذة. ولذلك أرى أن أصونها عن المزريات المجحفات وأن أخص بها نفسي وأتنزه فيها عن الشريك والمنازع.

وأن أشرب كأسها الروية فأشتف صبابتها وبعد ذلك إن من الله بالفراغ والقدرة وصفتها باللسان ثم بلسان الدواة وما ألذ أن نتناقش بعد شرب الشاي - ذاك الشراب الذي يسر ولا يسكر - وبعد أن نترك أوعية العقول مجالاً ومرتقى لدخانه وضبابه - أن نأخذ في حديث ماذا نأكل للعشاء - بيضاً وشواء أم أرنباً دفيناً في البصل والأرز أم ماذا؟ وقد أذكر أن سانكو صمم في مثل هذه الحالة على كوارع وهو طلب ألجأته إليه الضرورة وليس بمنتهى الحطة. ثم ما ألذ أن تسمع في خلال نجواك. واثناء ذكراك. صليل المراجل والمغارف وآلات المطبخ وهرولة الخدام ولك ما يصحب ذلك من الحركة وأصوات الاستعداد والخدمة (لنصب الخوان للسيد الضيف) هذا والله العيش وتلك الرفاهية والخفض! وأنها لساعات من حقها أن تصان في هيكل الصمت وتقدس في محراب الخيال وتدخر في وعاء الذكرى