للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكسب. كما يجب أن يضاف إلى هؤلاء جميعاً عدد من الذين كانوا يعيشون أولاً في حماية الأشراف ثم رأوا الانفصال عنهم والعيش الحرفي مدينة أصبحت وافرة العدد. وقد كان عدد هؤلاء يزداد على الزمان باتساع المدينة ويقلل بذلك من شأن عائلات الأشراف فيها. وساعد الملوك هؤلاء الجماعة من الناس مساعدة جدية لأن مصلحة الملك كانت يومئذ متفقة مع مصلحة العدد الأكبر لما كانت في روما من الحاجة للجند لحمايتها من أعدائها الكثيرين الذين كانوا يحيطون بها. وكان من أكبر المساعدات التي نالها الشعب اعتراف الملك بوجود اجتماعي لهم تمكنوا معه من إيجاد جماعة يمثلونهم إلى جانب السناتو. لكن صوت هؤلاء كان بادئ الأمر صوتاً خافتاً غير مسموع. ثم ازداد هؤلاء الممثلون مع الزمان وبتكرار المطالبة في العدد وازدادوا كذلك في السلطة. فابتدأوا ثلاثاً وبلغوا خمساً وثلاثين. وعلا صوتهم حينئذ حتى لم يكن بد من سماعه ومن الإذعان له - غير أن هذه القوة لم يصل إليها الشعب إلا بعد أن أسقط جماعة الأشراف الملك وتربعوا في دست الحكم نحو القرنين وأقاموا من بينهم قنصلين ينتخبان لعام يكونان فيه صاحبي السلطة المطلقة فلا يحد من نفوذهما إلا الضرورات الملجثة التي ترى فيها السناتو لزوم تعيين مستبد (دكتاتر) لمدة ستة أشهر. وكان شأن الشعب في هذين القرنين ضئيلاً تابعاً لأحكام السناتو وسلطة القناصل فلم يكن لجمعياته أن تجتمع إلا بأمر القنصل كما لم تكن قرارات هذه الجمعيات إلا استشارية. أما الأشراف فكانوا يومئذ أصحاب الحول والطول من الجهات السياسية والحربية والدينية فهم الذين اختصوا بتقديم القربانات للآلهة وهم الذين كانوا يقرون الحرب ويقرون بالسلم وهم الذين كانوا يعملون كل شيء. ولقد كان سلطانهم هذا مبنياً على فضائل عندهم أساسها الثقة بالنفس واحترام العقائد المتوارثة. وكانوا يعيشون على جانب عظيم من بساطة العيش وحب العمل فلا يأنفون أن يشتغلوا بأيديهم ولا يرون أن ينفصلوا عن أهلهم بفاصل من الرفاهة والكسل فكان عندهم بوجه عام ما يلزم أن يكون عند الرئيس من الفضيلة.

وفي هذا الوقت كان الشعب الذي يحكمون مكيفاً بطبيعة الحياة بحيث يحتمل آثار كل هذه القوى المجتمعة. فلقد كان العامي - كما كان الشريف - غاية في التدين شديد الانتباه إلى كل العلائم التي تظهر إرادة الآلهة لا يتقدم خطوة من غير رضاهم. يملؤه برق السماء أو