وقد كان لهم عنده منزلة عظيمة حتى أنه كان يوده أن يهدي كتابه ثروة الأمم إلى ده كسني لو لم يحل موت الأخير دون ذلك.
وفي سنة ١٧٦٦ رجع سميث إلى لندن في رفقته تلميذه دوق بيكلك وانتقل منها إلى عهوده الأولى بكر كلدي حيث أقام عشر سنوات يحوطه السكون وترفرف حوله الدعة والراحة عشر سنوات خالية من المشاغل والمتاعب قضاها في الدرس والتحصيل وتأليف كتابه الكبير (ثروة الأمم) ولم يكن عمله هذا شاقاً بل دفعه إليه حبه لهذا الموضوع فكان عملاً لذيذاً يدلنا على ذلك كتاب بعث به إلى صديقه دافيد هيوم سنة ١٧٦٧ جاء فيه يشغلني هنا الدرس في موضوع توفرت عليه منذ شهر وليس لي من سلوة إلا النزهة منفرداً والمشي طويلاً على ضفاف البحر ومن ذلك يمكنك أن تحكم كيف أقضي أوقاتي على أني أشعر بالسعادة واللذة وصفاء الذهن وما أظنني نعمت بأيام أسعد من هذه وإنك لتحسن إلى لو كتبت من آن لآخر تنبئني عما يفعله إخواني في لندن أليس في هذا دليل كاف على أن المؤلف يدفعه إلى عمله لذة خاصة ومحرك آخر غير عامل المال والشهرة؟.
ولبث سميت على تلك الحال إلى سنة ١٧٧٦ إذ بدء عصر جديد في تاريخ الاقتصاد السياسي والعلوم المالية والاجتماعية والسياسية ـ. عام ظهور كتاب ثروة الأمم ظهر الكتاب فلم ينشب أن انتشر وسرعان ما ترجم إلى جميع اللغات الأجنبية في مؤلفه والسبب في ظهور كتاب سميث على غيره من الكتب وانتشاره راجع إلى:
[١] القيمة الأدبية الكبرى التي كانت لكتابات سميث كما مر ذكره.
[٢] أن آدم سميث اقتبس أفضل آراء من سبقه من العلماء ومما استفاده بالخبرة أو وصل إليه بالدرس ومن معاشرته للفيزوقراطيين أثناء إقامته بباريس سنة ١٧٦٥.
وليس لنا أن نفحص كتاب سميث ونأتي على كل ما ذكره فيه بل نكتفي بذكر أهم المسائل التي تؤثر عنه وما قبل فيها.
تكلم على تقسيم العمل فقال يلزم أن يقسم كل عمل من الأعمال إلى أجزاء صغيرة يختص كل عامل بجزء منها وبذلك تحصل على الفوائد الآتية:
[١] مهارة العامل في حرفته وسهولة العمل عليه لاختصاصه بشيء قليل يمكن إجادته بسرعة.