علي الباحث ويعلم الله كم من ليال مضت ما كان أمرها عندي لا لأني كنت في عيش ضنك. ولا لأني قليل الميسرة. ولكن لأن الحقيقة ضائعة لا أجدها في طريق تشداني لها بين أناس عهدت إليهم أمانة ولا من يؤديها منهم لأهلها - كنت أرى القانون يكرهني على احترام القضاة وضميري يأبى الامتثال لاحترام كثير منهم فكنت أجمع بين الاحترام والتحقير ولا أستطيع التوفيق بين الظاهر والباطن - فأعجبوا أيها الأفاضل من مطبع غير مطيع - ولا جناح على لأن القوانين لا حكم لها على السرائر والضمائر - أقول الحق إني كنت أسأل من القاضي حقاً ومن النيابة واجباً فلا أجد هذا ولا ذاك - أما الآن فكلنا يعترف في سره وعلنه بأن القضاء ارتقى - والحق عنه مسؤول.
ومازلت إخواتي أعد نفسي محامياً عن الحقيقة التي أردنا المحاماة عنها جميعاً.
وإني شاكر فضلكم منشرح الصدر من كونكم عددتموني جوهراً شفافاً سطعت عليه أشعة العدل وأنوار الحق - فادعوا الله معي أن يؤيد روح الحق في بلادنا ويزيد في نشر الفضيلة والعدل.
هذا ما وسعه هذا العدد من تاريخ سعادة المترجم به. ولما كان هذا التاريخ قد يربى على مائة صفحة اضطرنا إلى نشره تباعاً في البيان.
فتح الله بك بركات
عضو الجمعية التشريعية عن دائرتي فوه ودسوق والقسم البحري
من كفر الزيات التابعة لمديرية الغربية
إذا كان الدهر قد عصف بالأمة العربية بعد ذلك السؤدد والفخار. وذهب بظلها بعد أن بسطته على قرص الشمس وأشعة الأقمار. فقد أبى إلا أن ينثر أخلاف أهلها مع الريح، ويذرو بقية رجالها في مشارق الأرض ومغاربها، فلم يخسر العالم منهم إلا صفة الأمة، ولم يفقد إلا شخصية المجموع، وشاء التاريخ إلا أن يحشر من الشراذم القليلة من العرب، أو ممن ينتمون إلى العرب، أفراداً وأسرات، في كل بلد كان للعرب فيه أثر، وقطر كان لتلك الأمة فيه شأن وخبر، ليكونوا دلائل وبراهين على قديم ملكهم، وعناوين وفهارس لمجلدات تاريخهم، وهم وإن اندمجوا في أهل البلد الذي نزلوه، وامتزجوا بالقوم الذين نشؤوا فيهم، وخلف لهم من تزاوجهم ذراري وحفدة وسلالات، وأصبحت لهم مميزات الموطن الذي