للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نشاطاً وخفة، وأبدت عتقاً وكرماً، فإذا ابتاعها مبتاع، وانطلق بها: لم يجد أثراً لذلك النشاط الوقتي الذي شاهده.

ولد صاحب الترجمة في اليوم الخامس عشر من شهر شعبان عام ١٢٨٢ بمنية المرشد. وكانت يومذاك تابعة لمركز دسوق، وهي الآن تتبع مركز فوه من أعمال مديرية الغربية، وأبوه عبد الله أفندي بركات، وكان إذ ذاك عمدة لمنية المرشد، ثم رفع بعدها إلى وظيفة مأمور مركز دسوق، وجده الشيخ عبد بركات، وكان من ذوي الثراء الطائل، والغني العريض، وكان موظفاً في عهد محمد علي الكبير، رأس الأسرة الخديوية، يشغل وظيفة كانت تسمى حينذاك ناظر قسم أو ما هو في معنى ذلك، وبدأ مقام هذه الأسرة بمنية المرشد منذ ثلاثمائة سنة، وقد نزحت إليها من البرلس، وتنمي إلى أبو بكر الصديق رضي الله عنه.

فلما درج إلى الحول السابع، دفعه والده إلى كتاب البلد، شأن كل مصري حتى اليوم، فلبث في هذا المعهد الصغير حتى كان عام ١٢٩٣ فأرسله والده إلى مدرسة رشيد الأميرية، وظل بها حتى أتم التعليم الابتدائي، ثم انتقل حوالي عام ١٢٩٧ إلى مدرسة الجمعية الخيرية الإسلامية بالإسكندرية. وكان ناظرها إذ ذاك عبد الله نديم. وبقي بها عاملاً كاملاً. وفي سنة ١٢٩٨ دخل المدرسة التجهيزية يدرب الجماميز بالقاهرة ومكث بها حتى السنة الثالثة، وإذ ذاك ثارت الثورة العرابية، وقد تقدمت بوالده السن، وألفي الحاجة ماسة إلى المترجم به. ليقوم بإدارة مزارعه، ورعي شؤونه وتدبير ثروته، إذ كان أكبر أولاده، فانقطع عن الدراسة والمدرسة، وما كانت المدرسة يوماً معهداً للعظمة. ولا متخرجاً للنبوغ، وهل كانت روح النابغة لتذكو وهل كانت نفس العظيم لتنضج بين برامج المدارس وقيودها، وجدرها وحيطانها. ومحفوظاتها وقشور علمها. وما نفس النابغة إلا قبس من قبس الله. يريد مضطرباً واسعاً. ومكاناً طلقاً فضاء، وإلا عاد دخاناً يخنق الأنفاس. ويعمي الأبصار. بل كم أفسدت المدرسة من روح خصبة، وعقل قابل للنضوج. واستعدادات كبيرة، وما روح العظيم من المدرسة إلا في محبس.

وأقام صاحب الترجمة بعد ذلك ببلدة. وكانت المشاحنات والفتن والضغائن فاشية بين أهل البلد. سارية بين أسراته وعشائره، حتى كان بالبلد على صغره سبعة عشر محامياً يشتغلون