للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بقضايا الخصومات الثائرة بين أهليها أمام المحاكم التي أنشئت إذ ذاك للفصل في أمثال هذه الخصومات والمشاحنات. وكانت أراضي أهل البلد في ذلك الحين مرهونة للمصارف البنوك للحكومة، واندفعوا في الفتن والمشاحنات وأمعنوا في المدابرة والمنازعة. حتى ضجت المديرية والمركز في أخريات عام ١٨٨٦ ميلادية من هذا البلد وحال أهلية ففزعت الأهالي والحكومة إلى صاحب الترجمة يريدونه على أن يكون عمدة للبلد، وكان إذ ذاك في ريعان الشباب، لم يجز بعد الربيع الأول بعد العشرين. على حين أن القانون لم يكن ليبيح وقتئذ تعيين من هو في مثل سنه في منصب العمدة. وكان المترجم به لا يميل إلى إسناده إليه. لما كان يراه في ذلك الحين من عسف الحكام وبلوغهم من الإرهاف والاستبداد إلى الحد الذي لا يلتئم مع رجل يشعر بكرامة نفسه وشخصيته. ولكنه اضطر إلى قبوله. إذ رأى إلحاح الأهالي وإلحافهم. ووعود الحكام إياه بأنهم سيأخذون بالحسنى. ويجنحون إلى اللين والعرف. وكذلك ترى الرجل النابعة النابه. تبدأ شهرته حيث تبدأ مواهبه تظهر لقومه وأهل بلده. ولا تزال شهرته تنتقل من بلده إلى جوار بلده. ومن جوار بلده إلى البلدان القريبة منه وكذلك تروح في البلاد وتغدو حتى تعم الأمة جميعها.

ومضى في منصبه ذاك حتى سلخ عام ١٩٠٧. يصلح ذات بين القوم. ويرد الحزازات والضغائن ائتلافاً ومودة. حتى كان من أثر ذلك أن انفرط خمسة عشر عاماً لم ترفع فيها قضية واحدة لأحد من الأهالي إلى محكمة من المحاكم. لا بينه وبين آخر من أهل البلد نفسه. ولا بينه وبين الغير. وأخذ ينشر الأمن في بلده والتحاب والتواصل بين أهليه. وكان من ذلك أن ديون الأهالي سددت. واستخلصت أراضيهم من قيود الرهون. وحسنت حالهم. ونمت ثروتهم. وابتاعوا من أرض البلدان الأخرى المجاورة. وبلغت الثقة بينهم إلى حد أن الرجل منهم إذا احتاج إلى مال قليل أو كثير. افترضه من أخوانه. دون سند أو سفتجة أو شهود. وكذلك مضي يبت بين إخوانه العمد روح التضامن والائتلاف والتضافر حتى أضحوا جميعاً يداً واحدة مجتمعين فيما ينفعهم. متوانين على ما يوجب احترامهم وتوقيرهم.

وعند إنشاء لجان الشياخات وتأديب العمد والمشايخ منذ نيف وعشرين عاماً انتخب صاحب الترجمة عضواً نائباً عن مركز فوه في لجنة الشياخات بإجماع الآراء. وإن كان أحدث العمد سناً. فكان له في هذه اللجنة كثير من المواقف المشهودة حيان مديري هذه المديرية.