للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكانوا هم أصحاب النفوذ والسيطرة على هذه اللجنة التي كانوا بطبيعة الحال يرأسونها. وكان هو الرجل الفذ الذي كان يخالف أميال المديرين وأهواءهم ونزعاتهم. غير مبال بسخطهم. ولا حافل يغضبهم. ولا مكترث بما يجلب عليه غضب أمثالهم.

وبقي بهذه اللحنة حتى نهاية سنة ١٩٠١. وكان يعاد انتخابه في كل عام. بإجماع الآراء. وانتخب في سنة ١٨٩٩ في لجنة تعديل الضرائب بمركز فوه ونهض في ذلك بواجبه. حتى أن الضرائب المقررة على مركز فوه كانت أخف بكثير من سائر الضرائب المقررة على بلاد القطر. ولا يغيب عنك ما لاقى من المشاق. وعاني من الصعوبات في سبيل المحافظة على الصدق والأمانة في هذا التعديل.

وفي سنة ١٩٠٢ انتخب عضواً لمجلس مديرية الغربية. فلم يستطع أن يظهر مواهبه وكفاءته. إذ كانت مجالس المديريات ضيقة الدائرة. لا تنعقد إلا مرة واحدة في كل عام. للتصديق بما تقرره نظارة الأشغال. وبقي عمدة إلى أوائل سنة ١٩٠٨ إذ انتخب عضواً لمجلس شورى القوانين. وإذ ذاك جالت مواهبه العالية جولاتها. وتجلت كفايته الشخصية في أبهى مظاهرها. لأن الرجل العظيم لا يبدو عظيماً إلا في المواطن التي تجد عظمته فيها مجالاً واسعاً. ومنتدحاً براحاً. وأنت فلو جئت بديمو ستنيز اليوناني رب الفصاحة وملك الخطابة. ورأس البيان. فجعلته معلم صبية. إذن لما وجدت منه إلا رجلاً بسيطاً. ولا ألفيت لبلاغته أثراً. وما كان ليستطيع أن يظهر لا كل بيانه ولا بعضه. فلا جرم أن تكون كفاءة صاحب الترجمة في مجلس الشورى غيرها في مجلس المديرية. فليس من يقف مدافعاً عن حق فئة قليلة كمن يقف في جماعة ناضحاً عن حقوق الأمة جمعاء. ولعل الناس لم ينسوا بعد ما كان له من مواقف مشهورة. ومواطن مأثورة. مما لا يتسع المقام لذكره الآن.

وظل في مجلس الشورى حتى انفض في سنة ١٩١١ وجاءت على آثاره الجمعية التشريعية فانتخب عضواً فيها عن مركزي فوه ودسوق وبعض بلدان من مركز كفر الزيات.

ولا يفوتنا أن نصف لك في بضع كلمات هيئة المترجم به وأخلاقه ومبادئه. إذ كانت الطبيعة تنم في الإنسان عن روحه، وتخرج للناس منها صورة دقيقة الحجم تطبعها فوق