للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ملامح وجهه وهيأته ومعارفه وجميع أجزاء تركيبه الإنساني. وما آداب المرء إلا نتيجة ائتلاف إرادته النفسية ونظامه الجثماني، بل إن هي إلا آراؤه نفذت إلى يديه وقدميه ووجهه وجميع أجزاء جسمه. فقام بهذه الحركات التي اصطلحنا على تسميتها بالآداب.

فلو أنت طالعت المترجم به، لألفيت رجلاً خفيف اللحم، ربعة القوام، أسمر اللون، بشوشاً. وقد خط الشيب مفرقيه وشاربيه. ولو جدت إزاءك رجلاً نشيطاً حلو الحديث. طيب المحاضرة. ثم إذا أنت خالطته ومازجته وأنست إليه. رأيت منه أخلاقاً سامية. وصفات حرية بإعجابك خليقة بمديحك واستحسانك. وجملة هذه الأخلاق ثقته بنفسه. والثقة بالنفس من أخلاق العبقريين. لأن الرجل العبقري كوكب في نفسه لا يستمد من نور غيره. ويأتي بعد ذلك ميله إلى الجد. وصدوفه عن اللهو. فهو رجل عمل لا يجد اللذة إلا في قضاء عمله. وما عرفناه يوماً من جلساء القهاوي وروادها. أولئك الذين تزدحم بهم قارعات الطريق وأفاريزها. وأبهاء القهاوي وقاعاتها. حتى ليخال لك وهم مرصوصون بعد المغيب مصفوفون أنهم جاءوا يسمعون محاضرة أخلاقية. وكأن في كل قهوة خطيباً يخطب زبائنها. وأنه ليجول بخاطرك ساعة تشهد ذلك المحفل الحافل إن نصف بيوت المدينة قد خلت من رجالها وشبابها.

والمترجم به من أشد الناس حرصاً على الفروض الدينية وأدائها في حينها. لا تفوته فريضة، ولا يشغله عن صلاته شاغل.

والمبدأ الذي يسير عليه في جميع أعماله هو الانتصار للحق وتأييده أنى كان، والإخلاص للأمة، والعمل على تحقيق مطالبها في ظل السكون بعيداً عن لغط اللاغطين، بنجوة من هذا الاضطراب العصبي الذي تحدثه السياسة في أبعد الناس عنها. والذي يفسد على قادة الأمة أمرهم.

قليني باشا فهمي

أحد النواب عن المصريين الأقباط في الجمعية التشريعية

في كل أمة طوائف، وفي كل شعب نحل وعناصر، ولكل من هذه العناصر شخصية لا تظهر إلا إذا قام بمفرده، ولكنه يفقد في غمار العناصر الأخرى للأمة هذه الشخصية، ويكتسب بدلها شخصية المجموع الممتزج، كما يكون من المركبات الكيماوية ومخاليطها،