للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

تلاميذها له، ولا تأبه للخيالات المجردة أو تعيرها جانباً من همها. وكنت أعلم أن أناساً من عصريينا صعدوا سلم النجاح واقتعدوا كاهله، وما حضروا في مدرسة النجاح درساً ولا فتحوا بين يدي أساتذتها كتاباً، ولكن هذا لا يقدح في سداد الفكرة فقدما نشأ في أزمان الهمجية، وفي أصقاع لا أثر لمعاهد العلم فيها، رجال بذوا قرناءهم بالحذق والمعرفة، معرفة حصلوها بفطنتهم وجمعوها بطول الجد والمراقبة، ولكنها طريقة في التعليم ما أشقها على الرجل المستقل بأبحاثه ودروسه. قال ولو التفت العصامي الذي اخترق في الزحام سمته إلى النجاح بسائق لدنى من نفسه لآسفه أن ينظر إلى ذلك السمت فيرى كم زاوية فيه سلكها ثم تنكبها، وكم عقبة تسنمها ثم انحدر عنها، وفيفاء مرحلة جاس خلالها وكانت له ندحة عنها لو وفق إلى دليل خبير، أو وقف على مداخل تلك الأنحاء ومخارجها.

قال ولكني أحجب النساء عن باب مدرستي لأنهن غوان عن نصائحها إذ ليس نجاح المرأة إلا أن تكون حظية في عين الرجل والنساء مدلولات بالفطرة على ما يحبب فيهن الرجال. وما ظلمهن إلا من يعلمهن الرسم والتاريخ وذبح اللغات الغريبة باللحن في نطفها وما شاكل ذلك مما يرعب الرجال منهن. قال: وأن المشارقة بما هدتهم إليه البديهة الموروثة، والحكمة الأصيلة قد تعودوا النظر إلى المسائل بعين أسد وقريحة أصوب من أهل الغرب، فما رأيناهم يعلمون البنت إلا الغناء والرقص والبراعة في الضرب على أداة من أدوات الطرب، ويعلموهن قص القصص، وخضب الأنامل بالحناء، وكحل الدفون بالأئمد، وما يلحق بهذه الصناعة التي تتصبى إليهن الرجال وترغبهم فيهن بما تزخرف من محاسنهن وتزين لشركائهن في الحياة فيتعلقون بهن. هذا وبناتنا المسكينات يعوقهن التعليم المدرسي عن مجاراة غرائز المرأة وإن كانت مجاراة هذه الغرائز أنفع لهن وأجدى من جميع ما يلقنه أولئك الأساتذة سيان من يلبس النظارات منهم ومن لا يلبسها. وسرعان ما تستدير إحداهن المدرسة بمصاعبها وتكاليفها حتى تنطلق مع أميالها وتربي نفسها التربية التي خلقت لها ثم تتعلم بوحي من غرائزها كيف تنقش وجهها بالطلاء الأحمر وتدممه بدقيق الأرز ولا تبالي أن تلبس أوقح الحلل وأبعدها عن الحشمة وأن تمشي وتقوم وتجلس على هيئة تكشف لك سر ما أسخطك لأول وهلة من تفصيل ملابسها، وإن تقلب مروحتها برشاقة ذات معان وألغاز، وتعرف كيف تسبل أهدابها وتشيع أجفانها بغمزات تستهوي