عجبت لقلبي كيف لم ينفطر له ... ولو أنه أقسى من الحجر الصلد
وما سرني أن بعته بثوابه ... ولو أنه التخليد في جنة الخلد
وإني وإن متعت بابني بعده ... لذاكرة ما حنت النيب في نجد
وأولادنا مثل الجوارح أيها ... فقدناه كان الفاجع البين الفقد
لكل مكان لابد اختلاله ... مكان أخيه من جزوع ولا جلد
هل العين بعد السمع تكفي مكانه ... أم السمع بعد العين يهدي كما تهدي
لعمري لقد حالت بي الحال بعده ... فيا ليت شعري كيف حالت به بعدي
ثكلت سروري كله إذ ثكلته ... وأصبحت في لذات عيشي أخازهد
أريحانة العينين والأنف والحشى ... ألا ليت شعري هل تغيرت عن عهدي
كأني ما استمتعت منك بضمة ... ولا شمة في ملعب لك أو مهد
محمد ماشئ توهم سلوة ... لقلبي إلا زاد قلبي من الوجد
أرى أخويك الباقيين كليهما ... يكونان للأحزان أوري من الزند
إذا لعبا في ملعب لك لذعا ... فؤادي بمثل النار عن غير ما قصد
فما فيهما لي سلوة بل حرارة ... يهيجانها دوني وأشقي بها وحدي
وأنت وإن أفردت في دار وحشة ... فإني بجار الأنس في وحشة الفرد
عليك سلام الله مني تحية ... ومن كل غيث صادق البرق والرعد
وهذه القصيدة صريحة في أن أبناءه كانوا ثلاثة وأن محمداً ابنه هذا كان أوسطهم وأسبقهم إلى القبر في حداثة السن وطراءة العمر ولسنا ندري أي داء أصابه فمضى سابقاً أجله إذ ليس في القصيدة ما يشير إلى شيء من ذلك وإن كان فيها وصف ذبوله ولكنه وصف شعري لا يصح التعويل عليه في تعيين المرض.
وفي رثاء أحد الباقيين يقول:
حماه الكرى هم سرى فتأوبا ... فبات يراعى النجم حتى تصوبا
أعيني جوداً لي فقد جدت للثرى ... بأكثر مما تمنعاني وأطيبا
فإن تمنعاني الدمع أرجع إلى أسى ... إذا فترت عنه الدموع تلبها
وفي ثالث بنيه هبة الله يقول: