للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أبني إنك والعزاء معاً ... بالأمس لف عليكما كفن

تا الله لا تنفك لي شجناً ... يمضي الزمان وأنت لي شجن

ما أصبحت دنياي لي وطناً ... بل حيث دارك عندي الوطن

ما في النهار وقد فقدتك من ... أنس ولا في الليل لي سكن

ولقد تلي القلب ذكرته ... أنيى بأن ألقاك مرتهن

أولادنا أنتم لنا فتن ... وتفارقون فأنتم محن

وليس يخفي أن فقدان أولاده جميعاً في حدثاتهم لا يدع مساغاً للشك في اعتلاله واضطرابه وإنه لم يكن صحيحاً معافى في بدنه.

ومما هو جدير بالنظر والتأمل في شعر ابن الرومي لدلالته فحش أهاجيه وإكثاره فيها من ذكر أعضاء التناسل ذكراً لا نظنه ضرباً من التكلف لمجرد الذم والقدم ولا نحسبه شيئاً لا يستند إلى أصل. لأنه إذا كان هذا كذلك فكيف نؤول اتهام الناس له بالعنة تارة وبالتخنث أخرى. وكيف نفسر موت أولاده على هذه الصورة؟ أليس البرهان من ذلك كله لائحاً معرضاً لكل من أراد العلم به وطلب الوصول إليه، والحجة فيه وبه ظاهرة لمن أرادها والعلم بها ممكناً لمن التمسه؟ وانظر أي باطل نتكلف إذا نحن زهدنا في هذه الدلائل على وضوحها وجلائها واي جهل يركبنا إذا أثرنا الجهل على العلم وعدم الاستبانة على وجودها وتعجبني كلمة للعقاد في شعور ابن الرومي بالعلاقة بين تبرج الأزهار وتبرج النساء وإحساسه بالصلة بين محاسن الطبيعة ومحاسن المرأة قال وربما كان علة هذا الشعور الغامض اضطراب في جهاز التناسل أهاج جميع أجزائه فهز خيوطها ونبه وشائجها القديمة المختلفة ومنها الإحساس بذلك التبرج كما هو في قلب الطبيعة وهذا صحيح لأنه لابد لذلك من سبب يحور إليه ولو وقف الأمر عند بيت لقلنا معنى عن له ولكنه لا يزال يكرره في حيثما سنحت له الفرصة فكأنه يريد أن يلفتنا إليه: تأمل قوله:

ورياض تخايل الأرض فيها ... خيلاء الفتاة في الأبراد

وقوله في موضع آخر يصف الرياض:

تبرجت بعد حياء وخفر ... تبرج الأنثى تصدت للذكر

وقوله من قصيدة في وصف العنب: