للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تفيض في موضوع (حقوق الملوك المقدسة: ومعناه أن كل ملك مهما كان هو خليفة الله في الأرض قد ولاه الملك القدوس زعامة خلقه بعقد مقدس خفي فعقدت في رقاب العباد بيعته. ووجبت عليهم طاعته. واستحكمت في نفوسهم مهابته وخشيته) تلك هي عقيدة القرون الغابرة. ورأى آبائنا الأول. عقيدة دفنت معهم في قبورهم ورأي بان ببينهم. ومذهب عفت رسومه وطمس الدهر أعلامه ومجلدات كالقبور تبلى فيها أفكارها. وتنخر في أجوافها عظام محتوياتها. لا يزورها إنسان ولا يعوج بها مخلوق. وباطل لاح في ظلم الجهل ثم محا آيته نور اليقين. ودولة زور استقل نجمها ثم خوى واشمخر طودها ثم هوى. وأكذوبة أديل منها الحق. وإني مع ذلك لا أرى من كرم الطبع وشرف الشيمة أن نتبع ذلك الباطل المدبر لعناتنا. ونلحقه أهاجينا وشتماتنا. فحسبه هزيمته. وكفاه خزيه وفضيحته. بل أرى (ولا يعجب القاريء ولا يرع) أنه لا يحسن بنا أن نترك هذا الزور والمحال يمضي من غير أن نفتش أجزاءه ونفحص أنحاءه وأرجاءه. ونقلبه بطناً لظهر علنا نجد في ثناياه معنى من الحق وإن فيه لحقاً يجدر بنا وبسائر الناس ذكره. أما قول هذه المؤلفات أن أي إنسان تأخذه عينك من بين الناس وتمسكه يدك فتجعل على رأسه صفيحة من الذهب مكللة بالياقوت والزبرجد وتسميه ملكاً يرسل الله عليه في الحال شعبة من نوره ويمده بروح من عنده ويعمر فؤاده بأسراره القدسية ويؤهله في التو واللحظة لأن يحكم عليك حسبما تقتضي مشيئته فذلك حمق وخرافة وحسبه منا أن نتركه يبلي ويعفن في أجواف كتبه أو بعبارة أصدق أجواف قبوره. ولكني أقول - وهو ما عناه وأراده أرباب مذهب حقوق الملوك المقدسة وهو أنه يوجد في الملوك وفي جميع العلائق والمسؤوليات والسلطات التي تكون بين الولاة والرعية أما حق مقدس أو منكر شيطاني. لا بد من أحد هذين! إذ أنه من أفحش الخطأ والكذب ما قاله القرن السالف الكافر من أن هذه الدنيا آلة ومكينة. بل أن في الكون لألها وكل ما يجري بهذا العالم من حكومة وال وطاعة رعية بل كل عمل وحركة لا بد أن يبوء إما برضى وإما بغضب من الله. وأشرف ما يجري بين الرجل والرجل هو لا شك الحكومة والطاعة. والويل لمن يطلب من طاعة الناس ما لا يستحق ولمن يأبى أن يؤدي من الطاعة ما أوجبه الله عليه لزعيم أو أمير! بذلك يجري قانون الله المقدس مهما سنت شرائع البشر ونهجت نواميس الحكومات. نعم إن في كل دعوى يدعيها الرجل على أخيه