للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

شاب يخطب له عروساً، ثم يأخذها يوم العرس فيزف معها في منطاد. . . زفة (آخر زمن).

ثلاث بنات من أسر طيبة، يتحدثن إلى صواحبهن، فتتنهد إحداهن فتسألها الأخرى، ماذا بك؟ فتجيبها - إني أحب فلاناً. . . وفلان يحبني، فتقول لها صاحبتها وهي تحاورها، ما أطيب هذا الحب. إني أعرف فلاناً فهو شاب جميل ورشيق وحلو القوام، ولطيف الحديث، ولكن علامَ إذن هذا الحزن؟ فترد عليها الأولى قائلة، ولكنه فقير لا يملك شيئاً وليس من أسرة مذكورة، وأبواي يريدان أن أتزوج بالباشا الفلاني، وهو بطين، عظيم الكرش، وأصلع، ودميم، وثقيل، ولكنه مع ذلك كبير الغنى، عريض الثراء، وإذ ذاك تقول لها محدثتها، إذن فتزوجي الباشا يا بلهاء دون تأخير، ثم اعملي بعد ذلك على أن يتعرف الباشا إلى حبيبك ويصاحبه يا غبية. . . بنت (آخر زمن).

ومن ثم ترى أن كلمة (آخر زمن) في هذه الأمثلة التي ضربناها ليس يراد بها إلا الانحراف عن أحكام العرف والعادة والانشقاق على سلطة الأخلاق والآداب والتحرر من سيطرة القوانين الأدبية التي نعيش عليها، فهي عند الشهواني مطاوعة اللذة إلى أبعد حدودها، والاسترسال مع الشهوة إلى أقصى مطالبها وإطلاق الجزء الحيواني في الإنسان، وهي من ناحية الأناني احتقار كل ما يتعلق بالناس والسخرية من شأنهم، وهدم الأسوار التي تحول بينه وبين طماعيته وشهواته، ولذائذه وحيواناته وهي عند المكذب بصلاحية الحياة المؤمن بسخافتها التمرد على الفضيلة، والسخرية بالآداب، ومتابعة النفس ووساوسها ومختلجاتها، وهي عند الجميع هدم الآداب، وقتل الحاسة الأخلاقية، وتسويد الإباحة في كل معالم الحياة.

ولكن عوارض هذا المرض قل ما توجد بين الطبقات الفقيرة والمتوسطة لأنها لا تتجلى إلا في طائفة قليلة من الناس يرونها في الطريق السوي إلى المستقبل والباعث الأكبر على ترقية الحياة وتهذيبها، والافتتان في إصلاحها والسمو بها، ولكن هذه الطائفة الصغيرة هي التي تنشر ظلها على المجتمع كله، لأنها طائفة الأغنياء الظرفاء، وطائفة المتهوسين، فالأولون يتبعهم من بقية الشعب الأدعياء والمتظاهرون والحمقى والمغفلون، والآخرون يؤثرون في الضعفاء والجهلاء والعجزة والعصبيين والجميع يمشون إلى الانحطاط والفساد.