أصابعك عدد ما في كيسك من النقود أو ما في مكتبتك من الكتب أو تقوم إلى أدوات الزينة فتصلح من شعرك أو تشرب قدحاً من الماء وإنما يجب عليك أن تلتمس الأسباب التي أرقتك وأسهدت جفنيك إما في كثرة العمل أو قلة الرياضة واللهو أو في فساد هواء الحجرة أو في خلو المعدة من الطعام، فإذا وجدته في شيء من ذلك فاعمل على إصلاحه وتلافيه من غدك، وأما في الحالة الراهنة فتحمل عقوبة إفراطك أو تفريطك بسكون الفيلسوف، واثقاً من أن الأرق لن يحدث لك ضرراً.
فإذا لم تجد سر الأرق في هذه فالتمسه في الأشياء التي حولك، وانظر إذا كان فراشك موضوعاً في موضع غير صالح، كأن يكون في زاوية من الحجرة بعيدة عن مجرى الهواء محتبسة عن التنفس، كما هي الحال في وضع السرر في المنازل، وفي هذه الحال يجب أن تضطجع بحيث تستقبل بوجهك النافذة حتى تحس علائل الهواء تجري فوق جبينك الملتهب، ولا تخف فلن يصيبك برد من ذلك أو رطوبة.
والكثيرون منا لا يعنون العناية الواجبة بالوسائد والمضاجع وفراش السرور وإن كنا نصرف في مضاجعنا ثلث يومنا، وكم من وجع وألم مستطيلين يحدثهما الاضطجاع فوق فراش خشن صلب غير ممهد، ولذلك كان خليقاً بك أن تتحرى مضاجعك وتتناولها بالإصلاح والتنجيد والتوثير كل سنة وتغيرها كل خمس فإن إغفال وثارة المضاجع ولينها يفسدان على كثير النوم ويحدثان الأرق.
ويلي ذلك في الأهمية الاحتفاظ بتوازن مجرى الدم بين طرفي الجسم، وطرفا جسمك هما رأسك وقدماك، وكأن بين الرأس وبين القدمين ضرباً من المنافسة والمزاحمة لأن كلاً منهما يحاول أن يجتذب إليه جزءاً من الدم أكثر من الآخر فإذا كانت قدماك باردتين فأنت واجد رأسك في الأكثر ملتهباً حاراً والعكس بالعكس ولا يحدث الاضطراب في هذا التوازن إلا من الرأس غالباً ولاسيما عقب الاشتغال أو القراءة أو التفكير في مسألة معضلة، فإذا أويت إلى مضجعك لم تلبث أن تجد أن رأسك قد اجتذب إلى أوعيته كثيراً من الدورة الدموية ولم يترك القدمين فقط باردتين بل اليدين كذلك والجلد وكثيراً من أطراف البدن وأجزائه، وقد يحدث غالباً أن تكون القدمان قد اعتمدتا على بلاط الحجرة أو كانتا حافيتين أو في جوربين خفيفين وإذ ذاك ينسحب الدم إلى أوعية المخ فيلتهب الذهن وتشتد حرارته، وهنا يجب