للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الناضر، تستهديان أشباح الحور البيضاء سنن الطريق، وتسترشدان بها عن منحدر السبيل، ألا ترى الآن، كما كنت من قبل، على ظل القمر وخيوط البدر، بدناً جميلاً متثنياً بين ذراعيك، إذن فعلام الشكوى، ولم الصراخ والأنين وقد نشر بفضل العذاب أملك الخالد، وأبل على يد العذاب رجاؤك الأبدي، وعلام إذن تحقد على التجربة الأولى، وتكره شراً جعلك خيراً مما كنت، ومصاباً هذبك وسما بك.

أي بني العزيز. لتشكر هذه الخائنة الحسناء التي أرسلت عبراتك، واحمدها أن أسالت ماء فؤادك. ألا أشكرها إنها امرأة، وقد قربها الله إليك لتحسن بعد العذاب سر العداء، وكان واجبها شاقاً، ومهمتها معذبة مؤلمة، ولعلها كانت تحبك، ولعلها كانت مولعة بك، وكانت تعرف الحياة، فعلمتك، وكانت بها خبيرة، فلقنتك، ثم جاءت امرأة أخرى فقطفت ثمر ألمك، وحظت منك بنتاج حزنك. أي طفلي العزيز. أشكرها. فإن حبك المحزن المخيب قد زال كالحلم، وثق أن دموعها لم تكن كذباً، وعبراتها لم تكن خدعة، أشكرها يا بني إنك تعرف إذ ذاك تحب. . . .

الشاعر

لقد قلت حقاً، إلاهة الشعر، ونطقت صواباً، إن الحقد شر، والبغضاء إثم، تثير رعدة مخيفة، ورجفة مرعبة، إذ ينتشر في الفؤاد دخانها، ويتصاعد في أعشار القلب بخارها، إذن فاستمعي إلي أيتها الإلهة وأنصتي، ثم لتقومي شهيداً على قسمي، عيناً ليميني.

أقسم يا ربة الشعر بعيني عشيقتي الزرقاوين، ولون السماء المصحية، بتلك الشعلة المتوهجة، والشرارة الساطعة التي يسمونها نجمة الزهرة. . . بعظمة الطبيعة، ورحمة الخالق، بالضياء النقي الطاهر الذي يرسله النجم لهدى الساري، ومفتقد الطريق بأعشاب المرعى، وسرحات الغاب، بالحقول الخضراء، والمروج الفيحاء، بقوة الحياة، وجلال الكون،. . . . أقسم يا أشلاء حبي القديم، وبقية غرامي الطائش المجنون. إني سأباركك في ذاكرتي، ويا أيتها القصة المظلمة الموحشة الراقدة في مضاجع الماضي المنسي الذاهب، إني سأقدسك في ثنايا ذهني وخاطري ومخيلتي، وأنت يا من حملت من قبل اسم العشيقة، ولقبتك لقب الحبيبة الصديقة، لتكن اللحظة السامية التي فيها أنساك، لحظة العفو والغفران.

إذن إلى الغفران، إذن إلى العزاء والصفح، إني الآن، أقطع رابطة الفتنة التي ربطتنا معاً