الآلهة. فلا أقل من أن يعوضهم عنه بما يسيهم ذكره وينسيهم خبره.
فأوحى إلى ملكي الحب والزواج أن اهبطا إلى الأرض فاجمعا تلك الأعشار المتفرقة والأشطر المحطمة وألحماها وأرأبا ما تصدع منها كأحسن ما في وسعكما
فصدع الملكان بالأمر الإلهي وهبطا إلى الأرض فوجدا من شوق الناس إلى التلاحم والتواصل ما مهد السبيل لهما وسهل عليهما قصدهما فدأبا بلا مال وانكبا على العمل. وما زال النجاح موالياً لهما فلحما ورقعا وأصلحا.
ولكن حدث في يوم من الأيام أن شجر بنهما الخلاف لشأن من شؤونهما فتغير كل منهما على صاحبه وأسر في نفسه الكيد له وتصديه في عمله.
وكان للزواج معاون في شغله هو الحسبان. كان هذا المعاون لا يفتأ يملأ رأس رئيسه بهواجس المستقبل ومشاغل العيش وهموم العائلة والأطفال والخدم فقلما راعياً في أعمالهما غير ذلك. واصطفى الحب له نصوحاً هو الطرب وما كان أسلم من الحسبان نصحاً لمولاه أو أصوب منه رأياً فكان يمنعه أن يمتد ببصره إلى أبعد من لذة برهة وطرب ساعة.
وبعد أن نسي الناس مصابهم أو كادوا. جاء هذا الشقاق بين الحب والطرب من جانب والزواج والحسبان من الجانب الآخر فجدد لهم هماً شاغلاً وحرك في نفوسهم قلقاً ساكناً. فكان الحب إذا أصلح نصفين ووفق بينهما أسرع الحسبان واستصحب معه الزواج ففصلا هذا من ذاك وألصقاه بنصف آخر قد أعداه له. فإذا أراد الطرب أن يثأر لنفسه عمد أيضاً إلى نصفين وفق بينهما الزواج فتسرب اليهما خلسة واستعان بالحب فجعلا يصلان أحدهما أو كليهما بصلة خفية إلى نصف من أنصافهما المهيأة لهذه المآرب.
ولم يطل على ذلك الأمد حتى علا ضجيج البشر إلى لاسماء وجأروا بالدعاء إلى عرش جوبيتير فاستدعى إليه الملكين وأمرهما أن يقدما إليه صحيفة أعمالهما. فطفقا يتحاوران ويتنصلان وجوبيتير يسمع. فلما فرغا من الأخذ والرد والتنصل والاتهام رأى أنه لا سبيل إلى إسعاد البشر إلا بالتوفيق بين الحب والزواج فأصلح بينهما. وأراد أن يكون واثقاً من دوام هذا الصلح إلى ماشاء فشدد عليهما أن لا يبر ما أمراً أو بيتاً في عقد إلا بعد مشاورة معاونيهما الحسبان والطرب واسترضائهما.
فأيما قران تحققت فيه إرادة أبي الآلهة وتراضى عليه الحب والزواج والحسبان والطرب