لشخصي، فإذا كانت حياتنا الهادئة لا تلائمك فقل ذلك وانظر موطناً آخر تتحمل إليه، وعلى ذكر ذلك، هل وجدت لك عملاً جديداً تزاوله.
فأجاب هوراس بهدوء، أجل، إن الحرب لا تزال قائمة وقد طلب إلي أن أكون مكاتباً حربياً لصحيفة أخرى.
قالت اللادي بغضب شديد لا تتكلم عن الصحف والحرب يا سيدي، إني أمقت الصحف، ولا أسمح لها بدخول بيتي، بل إني ألقي تبعة هذه الحرب الموحشة وهذه الدماء المسفوحة، عليها وحدها.
فتملكت هوراس الدهشة وقال، ماذا تعنين، هل الصحف هي المسؤولة عن الحرب؟
فأجابت اللادي بهدوء، كل المسئولية. إنك لا تفهم العصر الذي نعيش فيه، هل ترى أحداً منا يعمل شيئاً اليوم إلا ودلو رآه مكتوباً في الصحف، أنا أكتتب لجمعية من الجمعيات، وأنت تحرز شهادة من الشهادات، وهو يخطب خطبة عصماء، وهي تؤلف ندوة من الندوات، وهم يذهبون إلى الكنيسة، وأنا وأنت ونحن وهو وهي وهم نريد شيئاً واحداً، نريد أن نرى ذلك منشوراً في الصحف، فهل تظن الملوك والساسة والقواد والشعراء شواذ عن بقية الناس، كلا، إني أقول لك لو كانت صحف الغرب أجمعت على أن لا تحتفل بالكتابة عن الحرب بين فرنسا وألمانيا، إذاً لكانت الحرب قد انتهت منذ زمن بعيد، دع القلم يكف عن تذكية السيف، وأنا أقول لك لا حرب يومذاك ولا قتال!
قال هوراس بتهكم إن أراءك عليها طلاوة الجديد يا سيدتي، فهل تمانعين في رؤيتها منشورة في الصحف؟
فهاجمته اللادي بأسلحته. إذ قالت، ألست أعيش في القرن التاسع عشر أجل بل! اكتبها يا سيدي، واكتبها بالقلم العريض.
فعمد هوراس إلى تغيير الموضوع فقال، أنت تلومينني على أنني ضيق الصدر وتظنين أن ذلك لأنني سأمت هذه العيشة البهيجة في دار ما بلثورب، ولكن كلا يا سيدتي اللادي فإنني لم أمل العيشة ولم أسأم - وهنا التفتت صوب قاعة الزهر ثم عاد فاسترسل في حديثه - وإنما الحق أقول إنني غير مسرور من جريس روزبري.