للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال هوراس إنها تصر على تأجيل الزواج، وتأبى كل الإباء أن تحدد يوم عقد القران.

فسألته اللادي، وهل تعرف لذلك سبباً.

فأجاب هوراس، أخشى أن يكون هناك باعث لها على هذا التأجيل، باعث لا تستطيع أن تبوح به لكي أو لي.

قالت اللادي باستغراب، وماذا يجعلك تظن هذا الظن؟

فأجاب هوراس، لقد باغتها مرة أو مرتين وهي تبكي، ثم لا أفتأ أراها ترتجف حيناً، وحيناً تقطب، وتارةً تبدو مبتهجة، وأخرى حزينة مضطربة، فما معنى كل هذه الحركات.

فلم يكن من اللادي إلا أن ابتسمت قائلة، إن المعنى واضح أيها الأبله كل الوضوح، إن جريس منحرفة المزاج في هذه الأيام وقت وصف الطبيب لها السفر وترويح النفس، وسأسافر بها إلى مصطاف جميل.

فقال هوراس بل الأوفق أن أسافر أنا بها ولعلها ستوافق بتأثيرك ونفوذك، فهل ترينني أسألك أمراً كبيراً إذا أنا توسلت إليك أن تعملي على حضها وإغرائها، لقد كتبت والدتي وشقيقتاي إليها فلم يفلحن، فاصنعي لي أكبر جميل كلميها اليوم!

وإذ ذاك أخذ يد اللادي جانيت فطبع عليها قبله حارة وعاد يقول لقد كنت أبداً حنوناً علي عاطفة حادية.

وإذ ذاك أدركت اللادي جانيت الرحمة له فأجابت بلطف إذن فهل أكلم جريس حقاً.

ورأى هوراس أنه قد تحقق رجاؤه فنهض وألقى ببصره ناحية حجرة الزهر ووجهه مشرق بالفرح وأما اللادي جانيت - ولا تزال ذكرى والده الحلوة في ذهنها - فاختلست النظر إليه. ثم تنهدت من ذكرى أيام الشباب الضائعة ولكنها لم تن أن تمالكت نفسها.

قالت وهي تدفعه صوب الباب، اذهب إلى قاعة التدخين، اذهب وخذ في سيئة القرن التاسع عشر، فحاول هوراس أن يشكرها ولكنها دفعته ثانية وهي تقول اذهب ودخن. اذهب ودخن.

فلما بقيت اللادي جانيت وحدها دارت دورة في القاعة ثم فكرت قليلاً.

لم يكن غضب هوراس غير معقول إذ ليس هناك عذر لهذا التأجيل الذي يشكوه، وسواء أكان للفتات باعث أم لم يكن فلا بد من تلمس ما يجول بخاطرها، ولكن كيف تهجم اللادي