فصار معه من المال ما يكفيهم جميعاً يومين أو ثلاثة ومرفى طريقه على الخمارة فراودته نفسه فتلكا ثم مضى ولم يلو عليها ثم سولت له نفسه الدخول فتباطأ ونزل على حكم الشيطان فدخل وكان على كثب منه رجلان يتبعانه رسل النظر وقد كادا يضمران اليأس من مطلبهما فاسترعاهما تريثه وتردده فتتبعا آثاره وتعقبا خطواته ودخلا وراءه وناوله أحدهما كأساً دهاقاً وقال عاطنيها يا سيدي وما كاد يشتف ما في الكأس حتى أترعها له الأخر وقال وأنا أيضاً وليشرب بعضنا نخب بعض.
وذكر الرجل بنيه الجائعين وموقف ولده المسكين ولكنه لم يكترث لذلك ولم يحفله فالح على الشرب حتى خرج الرشد من كفيه.
ورآه أحد الرجلين بهم بالخروج بعد أن أضاع نصف ما معه ولعل حياة ابنته رهينة به فهمس في أذنه ما أبرد ليلتنا وانداها ياواردن.
فقال الآخر هي كما يشتهي إخواننا المختفون ياواردن فاجتذ به الأول وانتبذ به جانباً وقال له إجلس. أنا نطلب ابنك لنبلغه أن الفرصة سانحة والزمان مؤات ولكن قعد بنا عن ذلك جهلنا مقره وليس في هذا غرابة. فإن أقرب الظن أنه جاء إلى لندره وهو لا يعلم من هذا شيئاً أليس كذلك.
فقال الأب صدقت
فتسارق الرجلان النظر وعاد الأول إلى الحديث فقال إن في الميناء سفينة ستقلع إذا انتصف الليل وقد هيأنا له أسباب السفر فيها فسيسافر متنكرا هذا إلى أن ثمن التذكرة قد دفع نالله لقد أمكنتنا الفرصة من قيادها:
فقال الثاني صدقت وبررت
فقال الأول ونظر إلى صاحبه عن عرض إن جدنا عظيم
فمال الآخر ونقد إليه بنظره عظيم جدا
ونادى الأول هات كأساً أخرى - عجل ولم تمض بعد ذلك دقائق معدودات حتى أمكنهما من ولده من حيث لا يدري.
وكان الولد وأخته في أثناء ذلك ينتظران في مكمنهما وهما لا يتقاران من الضجر فأرهفا أذنيهما لأستراق السمع وتوجس الأصوات فمر بسمعهما وقع قدم ثقيلة الوطأة وما هي إلا