والمغفرة، وإن كنت ختمتها بتهديد، إذ قلت إنني أرى أنك لن تحبيني يوماً، بل إنك لتكرهينني الآن إذ أهنتك، ولكني أعلم ماذا بقي عليّ أن أفعل، إنني سأنتظر حتى مساء الغد، فإذا لم أتلق في مساء الغد كتاباً منك ينبئني أنك ستكونين لي فلن أكون غداة اليوم التالي إلا جثة هامدة، الوداع يا سيدتي، لتنسي الضابط بريانشو وتروحي في الحياة سعيدة!.
رباه! إني أعلم أن هذه الكلمات كثيراً ما تكتب دون أن يكون هناك أية نية على إنفاذها، ولكني رأيتك مضطرباً في كتابك متألماً، وشاهدتك في مقعدك وراء الموسيقى أصفر شاحباً، ثم خمسة آلاف فرنك هذا القدر الكبير على ضابط صغير في مرتبتك، هذا القدر الذي لا يعرف أحد غير الله كيف جئت به، كل ذلك قد أزعجني، وأخافني، وأشفقت من أن تنفذ وعيدك، فلم يسعني إلا أن أرد عليك في هذه المرة. . . . . .
إنك تسألني أن أكون لك وتحفل بذلك أكثر من احتفالك بالحياة، ولكني لا أستطيع يا بني أغضبك بالحكم على ذوقك. . . بل إنه ليعد ملالي وتغالياً، ولا تظن أنك دميم في عيني، كريه إلى ناظري، بل إنني لأراك آية الرقة وروعة الحسن، ولعل في هذا ما يرد عليك عزة نفسك ويرضي خاطرك، ولكني الآن أقول لك أن هذه الرغبة التي أثرتها في فؤادك، طالما ثارت كذلك منذ خمسة وعشرين عاماً قضيتها فوق المسرح، في قلوب عدد كبير من الرجال، شباباً وكهولاً، وأشراراً وأخياراً، وفقراء ومثريين، وكانت هي الضرورة التي خلقتها صناعتي وشهرتي، ولكني أقسم لك أنها لم تكن لديّ في شيء من الأهمية، ولاسيما إذ تعدو الشيخوخة، ويحل الضعف، وتتقدم السن، كحالي اليوم، فإن لي ولداً يناهز الربيع التاسع عشر، ويبدو لي الآن ولع الرجال بي وتوثبهم ضرباً من التحية اللازمة فقط.
ولكنك ستقول ولكني أحبك بقلبي وأحس أشد العذاب في حبك، وأوثر أن أموت. . . . ولكنك مع ذلك ستقنع ولن تعود بك حاجة إلى الانتحار إذا أنا وهبتك خلوة في سبيل خمسة آلافك، وإنني إذا منحتك نفسي في هذا المساء فستأذن لي غداً بالسفر في جولة للتمثيل.
إنني أعلم هذه النزعة الشديدة التي تلهم الشباب لأجل امتلاك مرأة من نساء المسرح فإنهم يحتاجون إليها مرة واحدة، ثم تهدأ ثورتهم فلا يحفلون بما يكون مصيرها بعدها.
ستقول كلا، أليس كذلك، لست هذا الرجل، إن لحظة لذة لا تهدئ ثائرك ولا تبرد حرارتك،