للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

إذن فينبغي يا بني أن لا أمنحك هذه اللحظة، بل أقول لك أنني مخافة أن تكون حقاً في حبي أرفض اللقاء بك لأنني لا أود أن تحبني إذ لا يجب أن تحب وأنت في سنك هذه الناضرة إلا سيدة شابة تصلح لك أو المرأة التي ستصبح زوجك، ولكنك إذا تركت فؤادي ينطلق في حبي فأي مستقبل لك تؤمله، إنني لا أستطيع أن أعيش في ظلك، فهل أنت تابعي وسائر في أذيالي إلى أي مكان أريده أم هل مقدم على المسرح فتكون ممثلاً، وتترك السيف والجند، أو تكون رفيق ممثلة يتبعها في جولاتها ولو فعلت ذلك لألفيت نفسك بعد أيام قد ضحيت كل شيء لأجل امرأة عجوز.

نعم لقد كنت من قبل حسناء فاتنة ولكني أعترف أنني لم أعد اليوم في شيء من ذلك الحسن ولا على شيء من تلك الفتنة، فأزل عن عينيك تلك الصورة التي تخدعك منها المساحيق والطلاء والأثواب، وتأثير الأضواء وسلطان الموسيقى بل إنني لأكاد أبكي ألماً إذ أتصور العذاب الذي سيثور في نفسك لو رأيتني على حقيقتي، وشهدت ما أصارتني الخمسون ربيعاً التي أعض الآن عليها.

ثم تصور أن الحقيقة لا تبدو لك إلا بعد ما قد امتلكتني وتمتعت بي، وإذ أكون قد بدأت أنطلق في حبك، وتكون أنت قد بدأت لا تود إلا أن تفر هارباً وتعتصم مني بالنسيان.

كلا، لا يصح لي أن أقدم على هذه المخاطرات، وخير لي وإن كنت على الخمسين أن أكون رفيقة رجل مالي شيخ فإن ذلك من صناعتي، ولا خطر فيه على الفؤاد، ولكني لا أريد عاطفة شابة حارة مضطرمة وأنا في هذه السن فليس لديّ ما أبادلها به ولا أستطيع لها إمساكاً ولا بها احتفاظاً.

فهل أدركت الآن أن كل ذلك في صالحك، وأنه لا يثقل عليّ مطلقاً أن أهب نفسي ليلة إلى ضابط شاب جميل وقد رأيت أن أرسل إليك مع رسالتي هذه صورتي الشمسية التي صنعتها منذ خمسة عشر عاماً، إذ كنت في عيني عشيقي المرأة الحسناء التي وهمتها فوق المسرح فاحتفظ بتلك الصورة فهي دليل على أنني لم أحقر حب ضابط صغير ذي وردة حمراء في عروته.

فشجاعة يا بني صبراً، فقد كان حقاً على أن أحدثك جميع هذا الحديث، وإذا أردت أن تعلم ما بعثني على أن أتشجع فأدلي إليك به فإنني منبئك. .