بوصفهما كل أزرق من الحبر ون بلغ في الزرقة أقصاها. وفي جمال الصبغة منتهاها. وجبين بسنا الصباح مصقول. وطرف بفنون السحر مكحول. وشعر كذوائب الظلماء مسدول كأنما عناه الذي قال:
وفاحم وارد يقبل ممشا ... هـ إذا اختال مسبلاً غدره
ولكن أين منا نعتها وأنها لغاية تنكل عنها سوابق الأفهام. وتحسر دونها مبالغ الأوهام. وما أراني أزاء وصفها إلا كما قيل:
يسهل القول أنها أحسن الاش ... ياء طراً ويعسر التحديد
وحسب القارئ أن يذكر أول فتاة عشقها ثم يصوغ على شكلها غانيه هذه القصة المسز أديليزا. أقول فلما رآها الشاب دوندولو وكانت فيمن عهد إليه بتعليمهن عشقها شأن كل فتى على شاكلته له صبوة وفيه غزل وخلاعة.
هذا وليعلم القاريء أن أكثر الناس فرصة لبلوغ وطره من الغانيات هو إستاذ الرقص وإن أوضح الناهج وأزلف الوسائل إلى نفوس الحسان هو باب الرقص. ولأستاذ الرقص على متن تلميذته وذراعيهما وكتفيها وكفيها سلطان تام ثم هو جدير بأن يمد ذلك السلطان إلى قلب الفتاة وينهيه إلى نفسها. فكان يقول للمسز اديليز بصوت يذيبه الشغف ويبريه الشجي وهو يعلمها مدى قدميك أصبعا يا مسز اديليز وأنصبى قناتك ثم يأخذ يدها في رفق ولين ويرفعها حتى يحاذي بها شحمة أذنها ثم يمس بأنامل يسراه فقارها ويرنو إليها بعين هائم وله! وذلك لعمر الله منظر يوقظ الهوى ويثير الداء. ولا طاقة لأنثى بمثل هذا الموقف وهذه النظرة قط فلما رنا الفتى إلى العذراء أول نظرة فالثانية لم تعرها إلا رجفة الحياء وحمرة الخجل فلما رنا الثالثة أغضت ونكست وعلا وجهها اصفرار. وصاحت قدحا من الماء! وخيف عليها الإغماء. فأسرع معلم الرقص لقضاء حاجتها حتى إذا عاد بالماء فصبه في فيها همس في أذنها بصوت أرق منه الشوق وقطعته الصبابة عبدك ما عشت وأسيرك ما بقيت يا اديليزا
فاستلقت الفتاة بين ذراعي المسز بنكس وقد رآها العاشق الظافر ترفع طرفها إلى سماء الغرفة وتناجي نفسها دوندولو! دوندولو!
وطالما كانت بعد ذلك تخلو إلي خليلتها وثقتها المسز بنكس فتقول دوندولو! لقد كان هذا